تُحبس دائمًا؛ إذ كل ذلك إضاعة مال، ولو سُيِّبت لكان ذلك إغراءً لها بالزنى وتمكينًا منه، فلم يبق إلا بيعها، ولعل السيِّد الثاني يُعِفُّها بالوطء، أو يبالغ في التحرز بها، فيمنعها من ذلك. وعلى الجملة فعند تَبَدُّل الأملاك تختلف عليها الأحوال، وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الجارية الزانية على النَّدب، والإرشاد للأصلح، ما خلا داود وأهل الظاهر، فإنهم حملوه على الوجوب تمسُّكًا بظاهر الأمر، والجمهور صرفوه عن ظاهره تمسُّكًا بالأصل الشرعيّ، وهو: أنَّه لا يُجْبَر أحدٌ على إخراج مُلكه لِمُلك آخر بغير الشفعة. فلو وجب ذلك عليه لَجُبِر عليه، ولم يُجْبَر عليه فلا يجب.
وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث جواز البيع بالغَبْن، قال: لأنه بيع خطير بثمن يسير، وهذا ليس بصحيح؛ لأنَّ الغبن المختلَف فيه إنَّما هو مع الجهالة من المغبون، وأمَّا مع علم البائع بقدر ما باع وبقدر ما قبض فلا يُخْتلَف فيه؛ لأنَّه عن علم منه ورضًا، فهو إسقاط لبعض الثَّمن، وإرفاق بالمشتري، لا سيَّما وقد بيَّنَّا: أن الحديث خرج على جهة التزهيد، وترك الغبطة. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [7/ 4437 و 4438 و 4439 و 4440 و 4441] (1703) و (1704)، و (البخاريّ) في "البيوع" (2152 و 2153 و 2154 و 2332 و 2233 و 2234) و"الحدود" (839)، و (أبو داود) في "الحدود" (4471)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (4/ 300 و 301)، و (الشافعيّ) في "مسنده" (1/ 387)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (7/ 393)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (7/ 281)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 422 و 431)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 146 و 147 و 148)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (11/ 489)، و (الدارقطنيّ) في "سننه"