قَدْ يَرْجِعُ الْمَرْءُ بَعْدَ الْمَقْتِ ذَا مِقَةٍ ... بِالْحِلْمِ فَادْرَأْ بِهِ بَغْضَاءَ ذِي إِحَنْ
(بَعْدِي)؛ أي: بعد موتي، أو بعد مقامي هذا، (كُفَّارًا (?) - أَوْ ضُلَّالًا) "أو" للشكّ من الراوي، و"الضلّال" بضم الضاد المعجمة، وتشديد اللام: جمع ضالّ، كالكفّار: جمع كافر، كما قال في "الخلاصة":
وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ... وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ
وَمِثْلُهُ الْفُعَّالُ فِيمَا ذُكِّرَا ... وَذَانِ فِي الْمُعَلِّ لَامًا نَدَرَا
قال الجامع عفا الله عنه: تقدَّم في "كتاب الإيمان" في شرح حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -[31/ 230] (65) بيان ما قيل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا ترجعنّ بعدي كفّارًا. . . إلخ"، وهي عشرة أقوال، فراجعها تستفد (?).
وأقرب الأقوال عندي قول من قال: لا تفعلوا فعل الكفّار؛ لأنهم الذين يقتل بعضهم بعضًا، أما المسلم فواجبه أن ينصر أخاه المسلم، فإذا ترك ذلك، وقاتَله فقد فَعل فِعل الكفّار، والله تعالى أعلم.
(يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) بجزم "يضرب" على أنه جواب النهي، وبرفعه على الاستئناف، أو يُجعَل حالًا، فعلى الأول يَقْوَى الحمل على الكفر الحقيقيّ، ويُحتاج إلى التأويل بالمستحلّ مثلًا، وعلى الثاني لا يكون متعلقًا بما قبله، ويَحْتَمِل أن يكون متعلقًا، وجوابه ما تقدم، قاله في "الفتح" (?).
وقال الطيبيّ - رحمه الله - بعد ذكر جواز الوجهين: أقول: على الرفع جملة مستأنفة مبيِّنة لقوله: "فلا ترجعنّ بعدي ضُلَّالًا"، فينبغي أن يُحمل على العموم، وأن يقال: لا يظلم بعضكم بعضًا، فلا تسفكوا دماءكم، ولا تهتكوا أعراضكم، ولا تستبيحوا أموالكم، ونحوه - أي: في إطلاق الخاصّ، وإرادة العامّ - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} الآية [النساء: 10]. انتهى (?).
قال النوويّ - رحمه الله -: لا حجة فيه لمن يقول بالتكفير بالمعاصي، بل المراد