لابني عمه، وإنما أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلم الأكبر، وهو حُوَيِّصة؛ لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى، بل سماع صورة القصة، وكيف جرت، فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها.
ويَحْتَمِل أن عبد الرحمن وَكَّل حُوَيِّصة في الدعوى، ومساعدته، أو أمر بتوكيله، وفي هذا فضيلة السنّ عند التساوي في الفضائل، ولهذا نظائر، فإنه يُقَدَّم بها في الإمامة، وفي ولاية النكاح ندبًا، وغير ذلك. انتهى (?).
(فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتَلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَهْلٍ)؛ أي: قتله (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَهُمْ) وفي الرواية الآتية: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إما أن يَدُوا صاحبكم وإما أن يُؤْذِنوا بحرب"، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في ذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ ".
("أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا) فيه أنه يبدأ بأيمان أهل الدم في القسامة، وبهذا أخذ معظم القائلين بأن القسامة يُستحقّ بها الدم، وخالف في ذلك بعضهم، وسيأتي تمام البحث في ذلك قريبًا - إن شاء الله تعالى -.
قال النوويّ - رحمه الله -: قد يقال: كيف عُرِضت اليمين على الثلاثة، وإنما يكون اليمين للوارث خاصّةً، والوارث عبد الرحمن خاصّةً، وهو أخو القتيل، وأما الآخران فابنا عمّ لا ميراث لهما مع الأخ؟ .
والجواب: أنه كان معلومًا عندهم أن اليمين تختص بالوارث، فأطلق الخطاب لهم، والمراد: من تختص به اليمين، واحتُمِل ذلك لكونه معلومًا للمخاطبين، كما سمع كلام الجميع في صورة قتله، وكيفيةِ ما جرى له، وإن كانت حقيقة الدعوى وقت الحاجة مختصّةً بالوارث. انتهى (?).
[تنبيه]: وقع عند البخاريّ من رواية سعيد بن عُبيد، عن بُشير بن يسار: "فقال لهم - يعني: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: تأتون بالبيّنة على من قتله، قالوا: ما لنا بيّنة"، قال في "الفتح": كذا في رواية سعيد بن عبيد، ولم يقع في رواية يحيى بن سعيد الأنصاريّ، ولا في رواية أبي قلابة للبيّنة ذِكر، وإنما قال يحيى في