(حَتَّى إِذَا كَانَا بِخَيْبَرَ) البلدة المعروفة (تَفَرَّقَا فِي بَعْضِ مَا هُنَالِكَ)؛ أي: في بعض أماكن خيبر، وفي الرواية الآتية: "أن نفرًا منهم انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها"، بصيغة الجمع، ويُجمع بينهما بحمل هذه الرواية على أنه كان معهما تابع لهما، وقد وقع في رواية محمد بن إسحاق عن بُشير بن يسار، عن ابن أبي عاصم: "خرج عبد الله بن سهل في أصحاب له يمتارون تمرًا"، زاد سليمان بن بلال في روايته الآتية: "في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي يومئذٍ صلح، وأهلها يهود"، والمراد أن ذلك وقع بعد فتحها، فإنها لما فُتِحت أقرّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهلها فيها على أن يعملوا في المزارع بالشطر مما يخرج منها، كما تقدم بيانه في "المزارعة"، أفاده في "الفتح" (?).
(ثُمَّ إِذَا مُحَيِّصَةُ) "إذا" هنا هي الْفُجائيّة؛ أي: ففوجئ محيّصة، وفي بعض النسخ: "ثمّ إن محيّصة" بلفظ "إنّ" (يَجدُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ) وفي رواية بشر بن المفضَّل عند البخاريّ: "فأَتَى مُحَيِّصة إلى عبد الله بن سهل، وهو يتشحط في دمه قتيلًا"؛ أي: يضطرب، فيتمرَّغ في دمه، "فدفنه"، وفي رواية سليمان بن بلال الآتية: "فوُجِد في شَرَبَة مقتولًا، فدفنه صاحبه"، وفي رواية أبي ليلى: "فأُخبِر محيّصة أن عبد الله قُتِل، وطُرِح في فَقِير" - بفاء مفتوحة، ثم قاف مكسورة؛ أي: حفيرة (?).
(ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ)؛ أي: مُحَيِّصة، وإنما أتى بالضمير المنفصل؛ ليمكنه عطف قوله: "وَحُوَيِّصَةُ"؛ لأن العطف على ضمير الرفع المتّصل بلا فاصل ضعيف، كما قال ابن مالك:
وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ ... عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ
أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ ... فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ
(وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ) و"حُوَيِّصَة": بضمّ الحاء المهملة، وفتح الواو، وتشديد التحتانيّة، وقد تُسكّن.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "ثم أقبل هو وأخوه حويّصة"؛ يعني به: محيّصة، وهما ابنا مسعود بن زيد، والمشهور في حويّصة، ومُحيِّصة: تخفيف