قتيلًا بين قوم، ولم يُعرَف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين، أقسم الموجودون خمسين يمينًا، ولا يكون فيهم صبيّ، ولا امرأة، ولا مجنون، ولا عبدٌ، أو يُقسم بها المتّهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدّعون استحقّوا الدية، وإن حلف المتّهمون لم تلزمهم الدية، وقد أقسم يُقسم قَسَمًا، وقَسَامةً، وقد جاء على بناء الْغَرَامَة، والْحَمَالَة، ؛ لأنها تلزم أهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه -: "القَسَامةُ توجب العقل"؛ أي: توجب الدية، لا الْقَوَدَ، وفي حديث الحسن: "القسامة جاهليّةٌ"؛ أي: كان أهل الجاهليّة يدِينون بها، وقد قرّرها الإسلام، وفي رواية: "القتلُ بالقسامة جاهليّةٌ"؛ أي: أن أهل الجاهليّة كانوا يقتُلُون بها، أو أن القتل بها من أعمال الجاهليّة، كأنه إنكار لذلك، واستعظام. انتهى (?).
وقال ابن منظور - رحمه الله -: تفسير القسامة في الدم أن يُقتل رجلٌ، فلا تَشهَد على قتل القاتل إياه بيّنة عادلة كاملةٌ، فيجيء أولياء المقتول، فيدّعون قِبَلَ رجل أنه قتله، ويُدْلُون بِلَوْثٍ من البيّنة، غير كاملة، وذلك أن يوجد الْمُدّعَى عليه، مُتلطّخًا بدم القتيل في الحال التي وُجد فيها، ولم يَشهد رجل عدلٌ، أو امرأة ثقةٌ أن فلانًا قتله، أو يُوجَدَ القتيلُ في دار القاتل، وقد كانت بينهما عداوة ظاهرةٌ قبل ذلك، فإذا قامت دلالة من هذه الدلالات، سبَقَ إلى قلب من سمعه أن دعوى الأولياء صحيحةٌ، فيُستَحلَف أولياء القتيل خمسين يمينًا أن فلانًا الذي ادّعَوا قتله انفرد بقتل صاحبهم، ما شَرِكَه في دمه أحدٌ، فإذا حلفوا خمسين يمينًا، استحقّوا دية قتيلهم، فإن أبوا أن يحلفوا مع اللَّوْث الذي أَدْلَوا به، حلف الْمُدَّعَى عليه، وبَرِئ، وإن نكَلَ المدّعَى عليه عن اليمين، خُيِّر ورثة القتيل بين قتله، أو أخْذِ الدية من مال المدَّعَى عليه، وهذا جميعه قول الشافعيّ - رحمه الله -. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: في "الصحاح": يقال: أقسمتُ: حَلَفتُ، وأصله من القسامة، وهي الأيمان تُقسم على الأولياء في الدم، والْقَسَمُ - بالتحريك -: