ذلك لا يمنع حمل الأمر على عمومه في حقّ كل أحد بحسبه. انتهى (?)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(وَأَلْبِسُوهُمْ) بقطع الهمزة أيضًا، من الإلباس (مِمَّا تَلْبَسُونَ) بفتح أوله، مضارع لَبِسَ، من باب تَعِبَ، لُبْسًا بضمّ فسكون (وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ) بضمّ أوله، وفتح الكاف، وتشديد اللام، من التكليف، وهو: تحميل النفس شيئًا معه كُلْفة؛ أي: مشقة، وقيل: هو الأمر بما يشقّ (مَا يَغْلِبُهُمْ) المعنى: لا تأمروهم بعمل ما تصير قدرتهم فيه مغلوبة؛ أي: ما يعجزون عنه؛ لعظمه، أو صعوبته.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ولا تكلفوهم ... إلخ"؛ أي: لا تكلّفوهم ما لا يطيقون، وهو نهيٌ، وظاهره التحريم. انتهى (?).

(فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ)؛ أي: ما يغلبهم من العمل، وحُذف المفعول؛ للعلم به (فَأَعِينُوهُمْ")؛ أي: ساعدوهم على ذلك العمل الغالب لهم، والمراد أن يُكَلَّف العبد جنس ما يقدر عليه، فإن كان يستطيعه وحده، وإلا فليُعِنْه سيّده، إما بنفسه، أو بغيره، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [10/ 4305 و 4306 و 4307] (1661)، و (البخاريّ) في "الإيمان" (30) و"العتق" (2545) و"الأدب" (605)، و (أبو داود) في "سننه" (5157 و 5158 و 5161)، و (الترمذيّ) في "جامعه" (1945)، و (ابن ماجه) في "سننه" (3690)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (9/ 448)، و (أحمد) في "مسنده" (5/ 158 و 161 و 168 و 173)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (4/ 73)، و (البزّار) في "مسنده" (9/ 402)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/ 7) و"المعرفة" (6/ 127)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015