عليه". انتهى (?).

فقال في "الفتح": قوله: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" طَرَف من حديث تقدّم بتمامه في أول "كتاب الجمعة"، لكن من وجه آخر عن أبي هريرة، وقد كَرَّرَ البخاريّ منه هذا القدر في بعض الأحاديث التي أخرجها من صحيفة هَمّام، من رواية معمر عنه، والسبب فيه أن حديث "نحن الآخرون" هو أول حديث في النسخة، وكان هَمَّام يعطف عليه بقية الأحاديث بقوله: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسلك في ذلك البخاريّ ومسلم مسلكين: أحدهما هذا، والثاني مسلك مسلم، فإنه بعد قول همام: هذا ما حدّثنا به أبو هريرة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: فذكر أحاديث، منها: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم استَمَرّ على ذلك في جميع ما أخرجه من هذه النسخة، وهو مسلك واضح.

وأما البخاريّ فلم يَطَّرِد له في ذلك عمل، فإنه أخرج من هذه النسخة في "الطهارة"، وفي "البيوع"، وفي "النفقات"، وفي "الشهادات"، وفي "الصلح"، و"قصة موسى"، و"التفسير"، و"خلق آدم"، و"الاستئذان"، وفي "الجهاد" في مواضع، وفي "الطب"، و"اللباس"، وغيرها، فلم يُصَدِّر شيئًا من الأحاديث المذكورة بقوله: "نحن الآخرون السابقون"، وإنما ذكر ذلك. في بعض دون بعض، وكأنه أراد أن يُبَيِّن جواز كلٍّ من الأمرين.

وَيَحْتَمِل أن يكون ذلك من صنيع شيخ البخاريّ، وقال ابن بطال: يَحْتَمِل أن يكون أبو هريرة سمع ذلك من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وفي نسق واحد، فحدّث بهما جميعًا، كما سمعهما، ويَحْتَمِل أن يكون الراوي فعل ذلك؛ لأنه سمع من أبي هريرة أحاديث في أوائلها ذَكَرها على الترتيب الذي سمعه.

قال الحافظ: ويعكر عليه ما تقدّم في أواخر "الوضوء"، وفي أوائل "الجمعة"، وغيرها. انتهى (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

("وَاللهِ لأَنْ يَلَجَّ) بفتح اللام، وهي اللام المؤكِّدة للقسم، و"يَلِجَّ" بكسر اللام، ويجوز فتحها، بعدها جيم، من اللَّجَاج، وهو أن يتمادى في الأمر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015