وأما رواية عبد الكريم الجزريّ، عن نافع، فقد ساقها أيضًا أبو عوانة رحمه الله في "مسنده"، إلَّا أنه قال: عبد الكريم بن أبي المخارق، فقال:
(5898) - حدّثنا الدَّبَرِيّ، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي الْمُخارق، أن نافعأ أخبره، عن ابن عمر، عن عمر، قال: سمعني النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أحلف بأبي، فقال: "يا عمر لا تحلف بأبيك، احلف بالله، ولا تحلف بغير الله"، قال: فما حلفت بعدُ إلَّا بالله، ورآني أبول قائمًا، قال: "يا عمر لا تبل قائمًا"، قال: فما بُلْتُ قائما بعدُ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ظاهر صنيع المصنّف رحمه الله يقتضي أن عبد الكريم هو الجزريّ المتّفق على كونه ثقةً، وأن روايته كرواية الستة الذين عُطف عليهم هو، فيكون ممن جعل الحديث من مسند ابن عمر -رضي الله عنهما-، لا من مسند عمر -رضي الله عنه-، وهو الذي أشار إليه الحافظ رحمه الله فيما مرّ مما نقلته عن "الفتح"، وكذلك صرّح الحافظ المزيّ رحمه الله في "تحفة الأشراف" (?) أنه عبد الكريم بن مالك الْجَزَريّ، إلَّا أنه جعله ممن جعلوا الحديث من مسند عمر -رضي الله عنه-، فاعترض عليه الحافظ في كلامه السابق.
وأما صنيع أبي عوانة رحمه الله في هذه الرواية فصريحة أنه عبد الكريم بن أبي المخارق المتّفق على ضعفه، وأنه جعل الحديث من مسند عمر، لا من مسند ابن عمر -رضي الله عنهما-، وأن سياقه فيه من الزيادة البول قائمًا، وهو بهذا السياق ضعيف، وقد ذكرت البحث عنه في "الطهارة" من "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد.
وخلاصة البحث أن الرواية التي ساقها أبو عوانة غير الرواية التي أحالها مسلم على رواية الليث عن نافع، فإنها من رواية عبد الكريم الجزري الثقة الحافظ، وأن متنها هو المتن الذي رواه الليث وغيره، وأنه من مسند ابن عمر -رضي الله عنهما-.
ومما يؤيّد هذا أن المصنّف رحمه الله لو أراد رواية عبد الكريم بن أبي الْمُخارق لأشار إلى ما فيها من المخالفة، وزيادة قصّة البول؛ لأنَّ المحلّ محلّ