شيءَ لبنات الابن المنفردات، وإنْ لم يستكمل البناتُ الثُّلثين، بل كان ولدُ الصلب بنتًا واحدة، ومعها بناتُ ابنِ، فللبنتِ النّصفُ، ولبناتِ الابن السدسُ تكملةَ الثلثين؛ لئلا يزيدَ فرضُ البنات على الثلثين، وبهذا قضى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن مسعود الذي تقدم ذكرُه، وهو قولُ عامَّة العلماء، إلا ما رُوي عن ابن مسعود وسلمان بن ربيعة: أنَّه لا شيءَ لبناتِ الابن، وقد رجع أبو موسى إلى قول ابن مسعود لمَّا بلغه قولُه في ذلك.
وإنَّما أشكل على العلماء حكمُ ميراث البنتين، فإنَّ لهما الثلثين بالإجماع كما حكاه ابنُ المنذر وغيره، وما حُكي فيه عن ابن عباس أنَّ لهما النِّصفَ، فقد قيل: إنَّ إسنادَه لا يَصِحُّ، والقرآن يدلُّ على خلافه، حيث قال: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11]، فكيف تُورث أكثر من واحدة النصف؟ وحديثُ ابن مسعود في توريث البنت النصف وبنت الابن السدس تكملة الثلثين يدلُّ على توريث البنتين الثلثين بطريق الأولى. وخرَّج الإمامُ أحمد، وأبو داود، والترمذيّ من حديث جابر أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ورَّث ابنتي سعد بن الربيع الثلثين، ولكنْ أشكل فهمُ ذلك من القرآن لقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}، فلهذا اضطربَ الناسُ في هذا، وقال كثيرٌ من الناس فيه أقوالًا مستبعدةً.
ومنهم من قال: استُفيد حكم ميراث الابنتين من ميراث الأختين، فإنَّه قال تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}، واستُفيد حكمُ ميراث أكثر من الأختين من حكم ميراث ما فوق الاثنتين.
ومنهم من قال: البنتُ مع أخيها لها الثلثُ بنصِّ القرآن، فلأَنْ يكونَ لها الثلثُ مع أختها أولى.
وسلك بعضُهم مسلكًا آخر، وهو أنَّ الله تعالى ذكر حُكمَ توريث اجتماع الذكور والإناث من الأولاد، وذكر حُكمَ توريثِ الإناث إذا انفردنَ عن الذُّكور، ولم ينصَّ على حكم انفراد الذكور منهم عن الإناث، وجعل حُكمَ الاجتماع أنَّ الذكرَ له مثلُ حظِّ الأنثيين، فإنِ اجتمع مع الابن ابنتان فصاعدًا، فله مثلُ نصيب اثنتين منهن، وإنْ لم يكن معه إلا ابنة واحدة، فله الثلثان ولها الثلث، وقد سمَّى الله ما يستحقه الذكرُ حظَّ الأنثيين مطلقًا، وليس الثلثان حظّ الأنثيين