على أن الأرضين بعضها فوق بعض، مثلُ السماوات، ونُقِلَ عن بعض المتكلمين أن المثلية في العدد خاصةً، وأن السبع متجاورة، وحَكَى ابن التين عن بعضهم أن الأرض واحدةٌ، قال: وهو مردود بالقرآن والسُّنَّة.

قال الحافظ: لعله القول بالتجاور، وإلا فيصير صريحًا في المخالفة، ويدلّ للقول الظاهر ما رواه ابن جرير من طريق شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، في هذه الآية: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال: في كل أرض مثل إبراهيم، ونحو ما على الأرض من الخلق، هكذا أخرجه مختصرًا، وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم، والبيهقيّ من طريق عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، مُطَوَّلًا، وأوله: "أي: سبع أرضين، في كل أرض آدم كآدمكم، ونوح كنوحكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيسى، ونبي كنبيكم"، قال البيهقيّ: إسناده صحيح، إلا أنه شاذّ بمرّة.

وروى ابن أبي حاتم، من طريق مجاهد، عن ابن عباس، قال: لو حدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم، وكَفَّركم تكذيبكم بها، ومن طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس نحوه، وزاد: وهنّ مكتوبات بعضهنّ على بعض.

وظاهر قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} يرُدّ أيضًا على أهل الهيئة قولهم: أَنْ لا مسافة بين كلّ أرض وأرض، وإن كانت فوقها، وأن السابعة صماء، لا جوف لها، وفي وسطها المركز، وهي نقطة مقدَّرة متوهمة إلى غير ذلك من أقوالهم التي لا برهان عليها.

وقد رَوَى أحمد، والترمذيّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "إن بين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وأن سَمْك كل سماء كذلك، وأن بين كل أرض وأرض خمسمائة عام"، وأخرجه إسحاق بن راهويه، والبزار، من حديث أبي ذرّ نحوه، ولأبي داود، والترمذيّ من حديث العباس بن عبد المطلب، مرفوعًا: "بين كل سماء وسماء إحدى، أو اثنتان وسبعون سنةً"، وجُمِع بين الحديثين بأن اختلاف المسافة بينهما باعتبار بطء السير وسرعته. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015