أرضين"، وقيل: خُسِف به في مثل الطوق منها، وهو ظاهر قوله: "طَوَّقه الله إلى سبع أرضين"، وفي "صحيح البخاري" نصًّا: "خُسِف به يوم القيامة إلى سبع أرضين"، وقيل: يُجْمَع ذلك كلّه عليه، وقد دلّ على ذلك ما رواه الطبريّ في هذا الحديث، وقال: "كَلَّفه الله حمله حتى يبلغ سبع أرضين، ثم يُطَوَّقه يوم القيامة حتى يُقْضَى بين الناس"، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (?).
وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وأما التطويق المذكور في هذا الحديث فقالوا: يَحْتَمِل أن معناه أنه يَحْمِل مثله من سبع أرضين، ويُكَلَّف إطاقة ذلك، ويَحْتَمِل أن يكون يُجْعَل له كالطَّوْق في عنقه، كما قال سبحانه وتعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وقيل: معناه: أنه يُطَوَّق إثم ذلك، ويلزمه كلزوم الطَّوْق بعنقه، وعلى تقدير التطويق في عنقه يُطَوِّل الله تعالى عنقه، كما جاء في غِلَظ جلد الكافر، وعِظَم ضِرْسه. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (?).
وقال في "الفتح": قال الخطابيّ: قوله: "طُوِّقَهُ" له وجهان:
[أحدهما]: أن معناه أنه يُكَلَّف نقل ما ظَلَم منها في القيامة إلى المحشر، ويكون كالطَّوْق في عنقه، لا أنه طُوِّق حقيقةً.
[الثاني]: معناه أنه يعاقب بالخسف إلي سبع أرضين؛ أي: فتكون كلُّ أرض في تلك الحالة طَوْقًا في عنقه. انتهى.
وقال في "الفتح": وهذا يؤيِّده حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عند البخاريّ بلفظ: "خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين".
وقيل: معناه: كالأول، لكن بعد أن يُنقل جميعه يُجعل كله في عنقه طَوْقًا، وَيعْظُمُ قدرُ عنقه حتى يسع ذلك، كما ورد في غِلَظ جلد الكافر، ونحو ذلك.
وقد رَوَى الطبريّ، وابن حبان، من حديث يعلى بن مُرّة مرفوعًا: "أَيُّما رجل ظَلَم شبرًا من الأرض، كَلَّفَهُ الله أن يَحفِره حتى يبلغ آخر سبع أرضين، ثم يُطَوَّقه يوم القيامة، حتى يُقْضَى بين الناس".