ويزيد عندنا، ونرى مكانه من بيتنا، حتى أصيب أمس فيما أصيب الناس يوم الحرة".

وفي رواية أبي الزبير، عن جابر عند النسائيّ: "فقال: يا بلال أعطه ثمنه، فلما أدبرت دعاني، فخِفْتُ أن يرُدّه عليّ، فقال: هو لك"، وفي رواية للبخاريّ في "النكاح" من طريق وهب بن كيسان، عن جابر: "فأمر بلالًا أن يزن لي أوقية، فوزن بلال وأرجح لي في الميزان، فانطلقت، حتى وَلَّيت، فقال: ادْعُ جابرًا، فقلت: الآن يردّ عليّ الجمل، ولم يكن شيء أبغض إليّ منه، فقال: خذ جملك، ولك ثمنه".

قال الحافظ رحمه الله: وهذه الرواية مشكلة مع قوله: "ولم يكن لنا ناضح غيره"، وقوله: "وكانت لي إليه حاجة شديدة، ولكني استحييت منه"، ومع تنديم خاله له على بيعه.

قال: ويمكن الجمع بأن ذلك كان في أول الحال، وكان الثمن أوفر من قيمته، وعَرَف أنه يمكن أن يشتري به أحسن منه، ويبقى له بعض الثمن، فلذلك صار يكره ردّه عليه.

ولأحمد من طريق أبي هبيرة، عن جابر: "فلما أتيته دفع إليّ البعير، وقال: هو لك، فمررت برجل من اليهود، فأخبرته، فجعل يَعْجَبُ، ويقول: اشترى منك البعير، ودفع إليك الثمن، ثم وهبه لك؟ قلت: نعم" (?).

(فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِي) ولفظ البخاريّ: "على أثري"، وهو بفتحتين، أو بكسر، فسكون، يقال: جئتُ في أَثَرِهِ، وفي إِثْرِهِ؛ أي: تَبِعته عن قُرْب (?). (فَقَالَ: "أَتُرَانِي) بضمّ التاء؛ أي: أتظنّني (مَاكَسْتُكَ) قال النوويّ رحمه الله: قال أهل اللغة: المماكسة: هي المكالمة في النقص من الثمن، وأصلها النقص، ومنه مَكْسُ الظالم، وهو ما ينتقصه، ويأخذه من أموال الناس. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قوله: "ماكستك" هو من المماكسة؛ أي: المناقصة في الثمن، وأشار بذلك إلى ما وقع بينهما من المساومة عند البيع، كما تقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015