من تأول التفرق على أنه التفرق بالقول، وهو لفظ البيع. انتهى (?).

وفي رواية النسائيّ: "قال نافع: فكان عبد الله إذا اشترى شيئًا يُعجبه، فارق صاحبه"؛ أي: خوفًا من أن يردّ البيع عليه بما لَهُ من الخيار، قال السنديّ - رحمه الله -: فانظر إلى ما فَهِم عبد الله من الحديث، وهو راويه، هل هو الذي يقول المثبت للخيار في المجلس، أم هو الذي يقول النافي له؟ انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد السنديّ - رحمه الله - بهذا الكلام الإشارة إلى تأييد قول من يقول: إن المراد بالحديث إثبات خيار المجلس، حيث إن راوي الحديث - رضي الله عنه - فَهِم منه هذا المعنى، وعَمِل به، حيث كان يفارق صاحبه الذي باع له؛ لئلا يفسخ البيع بناء على أن له خيار المجلس، فلما فارقه تمّ البيع، ولا يستطيع أن يفسخ، وهذا إنصاف من السنديّ - رحمه الله - مخالفًا لمذهبه الحنفيّ القائل: إن التفرّق هو التفرّق بالأقوال، لا بالأبدان؛ لوضوح دليله، وهكذا ينبغي للعالم أن يكون مع الدليل، لا مع آراء الرجال، كما فعل من قدّمنا قوله، ممن ردّ ما دلّ عليه ظاهر هذا الحديث بتأويلات سخيفة، قاتل الله التعصّب، والله المستعان على من خالف ظواهر الأدلّة بتأويلات مُبْتَذَلَة.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل الى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[3851] ( ... ) - (حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيحْيىَ بْنُ أيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتى يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعُ الْخِيَارِ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

1 - (يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ) المقابريّ، أبو زكريّاء البغداديّ، ثقةٌ عابدٌ [10] (ت 234) تقدم في "الإيمان" 2/ 110.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015