قال القرطبيّ: والذي أوجب استثناء هذه الأربعة العقود عند مالك أنها عقود؛ المقصود بها المعروف، والرِّفق، لا المشاحّة، والمكايسة، فأشبهت القرض، وأولى من هذا مرسلان صحيحان، مشهوران:

أحدهما: قال سعيد بن المسيِّب في حديث ذكره - كأنَّه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس بالتولية، والإقالة، والشرك في الطعام قبل أن يُسْتَوفَى"، ذكره أبو داود (?)، وقال: هذا قول أهل المدينة.

وذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حديثًا مستفاضًا بالمدينة قال: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه، ويستوفيه إلا أن يشرك فيه، أو يوليه، أو يقيله".

قال القرطبيّ: وينبغي للشافعيّ، وأبي حنيفة أن يعملا بهذين المرسلين، أما الشافعيّ فقد نصَّ على أنه يعمل بمراسيل سعيد، وأما أبو حنيفة: فانه يعمل بالمراسيل مطلقًا، كمالك. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[3842] (1528) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا زيدُ بْنُ حُبَابٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ"، وَفي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: "مَنِ ابْتَاعَ").

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

1 - (زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ) الْعُكليّ، أبو الحسين الكوفيّ، خراسانيّ الأصل، صدوقٌ يُخطئ في حديث الثوريّ [9] (ت 203) (م 4) تقدم في "الطهارة" 6/ 560.

2 - (الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ) بن عبد الله بن خالد بن حِزَام الأسديّ الْحِزَاميّ، أبو عثمان المدنيّ، صدوقٌ يَهِم [7] (م 4) تقدم في "الحيض" 16/ 774.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015