"الفتح" (?) بطوله، وهو بحث نفيسٌ جدًّا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بهذا كلّه أن الحقّ هو ما عليه الجمهور من ثبوت الخيار بسبب التصرية، كما نصّ عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف العلماء في ردّ بدل اللبن:
ذهب كلّ من جوّز رد المصرّاة بعيب التصرية إلى أنه إذا علم التصرية، واختار الرد بعد أن حلبها، لزمه رد بدل اللبن، وهو مقدَّر في الشرع بصاع من تمر، كما في الحديث الصحيح المذكور في الباب، ولا فرق في ذلك بين الغنم، والإبل، وغيرهما مما أُلحق بهما، ولا بين أن يكون اللبن قليلًا، أو كثيرًا، ولا بين أن يكون التمر قوت البلد، أم لا. وهذا مذهب مالك، والشافعيّ، والليث، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور.
وذهب مالك، وبعض الشافعية، إلى أن الواجب صاع، من غالب قوت البلد؛ لأنَّ في بعض طرق الحديث: "وردّ معها صاعًا من طعام"، وفي بعضها: "وردّ معها مثل أو مثلي لبنها قَمْحًا"، فجمع بين الأحاديث، وجعل تنصيصه على التمر؛ لأنه غالب قوت البلد في المدينة، ونص على القَمْح؛ لأنه غالب قوت بلد آخر.
وقال أبو يوسف: يردّ قيمة اللبن؛ لأنه ضمان متلف، فكان مقدرًا بقيمته، كسائر المتلفات، وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى، وحكي عن زفر: أنه يردّ صاعًا من تمر، أو نصف صاع من بر، بناءً على قولهم في الفطرة، والكفارة.
وحجة الأولين الحديث الصحيح المذكور، وهو المعتمد عليه في هذه المسألة، وقد نصّ فيه على التمر، فقال: "إن شاء ردّها وصاعًا من تمر"، وفي لفظ: "من اشترى غنمًا مصراة، فاحتلبها، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر"، وفي لفظ: "وردّ صاعًا من تمر، لا سمراء"، وفي