(اعلم): أنه جرت عادة أكثر المؤلّفين في الفقه والحديث أنهم يذكرون البيوع بعد النكاح وتوابعه، وذلك لأنهم يبدأون بالعبادات المحضة، فيذكرون الصلاة، والصوم، والزكاة، والحجّ، ثم يأتون بما فيه شأن من العبادة، وشأن من المعاملة، وذلك هو النكاح، ثم يذكرون ما يتعلّق به من الطلاق، واللعان، وما يشابهه من العتق، ثم يذكرون المعاملات المحضة، ويبدأونها بالبيوع؛ لأنها أكثر المعاملات وقوعًا، وأعظمها فائدةً (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذه الترجمة:
(المسألة الأولى): في بيان معنى البيع لغةً، وشرعًا:
(اعلم): أن "البيع" لغةً: مقابلة شيء بشيء، قال الشاعر [من البسيط]:
مَا بِعْتُكُمْ مُهْجَتِي إِلَّا بِوَصْلِكُمُ ... وَلَا أُسَلِّهَا إِلَّا يَدًا بِيَدِ
فَإنْ وَفَيْتُمْ بِمَا قُلْتُمْ وَفَيْتُ أَنَا ... وإنْ غَدَرْتُمْ فَإِنَّ الرَّهْنَ تَحْتَ يَدِي
وشرعًا: مقابلة مال بمال على وجه مخصوص، قاله في "الإقناع" (?).
و"البيوع": جمع بيع، وإنما جُمع، وإن كان المصدر لا يُجمع، ولا يُثنّى؛ نظرًا إلى أنواعه، و"البيع" في الأصل مصدر باعه يبيعه بيعًا، ومَبِيعًا، فهو بائعٌ، وبَيّعٌ، وأباعه بالألف لغة، قاله ابن القطّاع، والبيع من الأضداد، مثل الشراء، يقال كلّ منهما لكلّ منهما، فمن استعمال البيع بمعنى الشراء، قول الشاعر [من الكامل]: