(?) - (بَابٌ لَا يُنْفَى الْوَلَدُ لِمُخَالَفَةِ لَوْنٍ، أَوْ شَبَهٍ) (?)

قال الجامع عفا الله عنه: ترجم الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - على حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا بقوله: "بابٌ إذا عرّض بنفي الولد"، قال في "الفتح": قوله: "عَرَّضَ" - بتشديد الراء - من التعريض، وهو ذِكْرُ شيء يُفهَم منه شيء آخر، لَمْ يُذكَر، ويفارق الكناية بأنها ذكر شيء بغير لفظه الموضوع، يقوم مقامه، وترجم البخاريّ لهذا الحديث في "الحدود": "ما جاء في التعريض"، وكأنه أخذه من قوله في بعض طرقه: "يُعَرِّض بنفيه".

وقد اعترضه ابن الْمُنَيِّر، فقال: ذَكَر ترجمة التعريض عقب ترجمة الإشارة؛ لاشتراكهما في إفهام المقصود، لكن كلامه يُشعر بإلغاء حكم التعريض، فيتناقض مذهبه في الإشارة. والجوابُ أن الإشارة المعتبرة هي التي لا يُفهم منها إلَّا المعنى المقصود، بخلاف التعريض، فإن الاحتمال فيه إما راجح، وإما مساوٍ، فافترقا.

قال الشافعيّ في "الأُمّ": ظاهر قول الأعرابيّ أنه اتَّهَم امرأته، لكن لما كان لقوله وجه غير القذف، لَمْ يَحكم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه بحكم القذف، فدلّ ذلك على أنه لا حدّ في التعريض.

ومما يدلّ على أن التعريض لا يُعطَى حكمَ التصريح الإذن بِخِطبة المعتدّة بالتعريض، لا بالتصريح، فلا يجوز، والله أعلم. انتهى (?).

وقد أشار السيوطيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "الكوكب الساطع" إلى بيان الفرق بين الكناية، والتعريض، فقال:

اللَّفْظُ إِنْ أُطْلِقَ فِي مَعْنَاهُ ثُمَّ ... أُرِيدَ مِنْهُ لَازِمُ الْمَعْنَى فَسَمْ

كِنَايَةً وَهْوَ حَقِيقَةً جَرَى ... أَوْ لَمْ يُرَدْ مَعْنًى وَلَكِنْ عبِّرَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015