إعراب آخر، وهذا أوضح. انتهى (?).
والمعنى: ليس أحدٌ أحبّ إليه الإعذار من الله تعالى، فالعُذر هنا بمعنى الإعذار، والإنذار قبل أخذهم بالعقوبة، ولهذا بعث المرسلين، كما أوضحه بقوله: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ) أي: لأجل إقامة العذر (بَعَثَ اللهُ) أي: أرسل (الْمُرْسَلِينَ) حال كونهم (مُبَشَرِينَ) أي: يُبشّرون من آمن بالله، واتّبع هداه (وَمُنْذِرِينَ) أي: مخوّفين بالعذاب من كفر بالله، واتّبع هواه، وإليه الإشارة بقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15].
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين" ذلك إشارة إلى العذر، ومعناه: الإعذار للمكلفين، قال بعض أهل المعاني: إنما قال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا أحد أغير من الله، ولا أحد أحبُّ إليه العذر من الله" منبِّهًا لسعدٍ، ورادعًا له عن الإقدام على قتل من وَجَدَه مع امرأته، فكأنه قال: إذا كان الله مع شدّة غيرته يُحبُّ الإعذار، ولم يؤاخذ أحدًا إلَّا بعد إنهاء الإعذار، فكيف تُقْدِم على قتل من وجدته على تلك الحال؟ ! والله أعلم. انتهى (?).
(وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ) "الْمِدحة" بكسر الميم: هي المدح بفتحها، وهو الثناء بذكر أوصاف الكمال والإفضال، فإذا ثبتت الهاء كُسرت الميم، وإذا حُذفت فُتحت، وقوله: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ") معناه: لأجل محبته مَدْحَ عباده له وعدهم الجنّة، ورغّبهم فيها، حتى كثُر سؤالهم إياها، وثناؤهم عليه، وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى"من أجل ذلك وعد الجنّة": أنه لَمَّا وعدها، ورَغَّب فيها، كثُر سؤال العباد إياها، والثناء عليه. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "من أجل ذلك وعد الله الجَنَّة" أي: من سبب حُبِّه للمدح وَعَدَ عليه بالجنَّة، وذِكْرُه المدح مقرونًا مع ذكر الغَيْرة والإعذار تنبيهٌ لسعدٍ على ألا يُعْمِل غيرته، ولا يَعْجَل بمقتضاها، بل يتأنى، ويترفق، ويتثبت؛