وقوله: ("ذَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ") قال النوويّ رحمه الله: معناه عند مالك، والشافعيّ، والجمهور بيان أن الفُرقة تحصل بنفس اللعان بين كل متلاعنين، وقيل: معناه تحريمها على التأبيد، كما قال جمهور العلماء، قال القاضي عياض: واتفق علماء الأمصار على أن مجرد قذفه لزوجته لا يحرمها عليه، إلا أبا عبيد، فقال: تصير محرَّمةً عليه بنفس القذف، بغير لعان. انتهى (?).
[تنبيه]: رواية ابن جريج، عن ابن شهاب هذه ساقها البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، فقال:
(5309) - حدّثنا يحيى (?)، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب، عن الملاعنة، وعن السنّة فيها، عن حديث سهل بن سعد، أخي بني ساعدة أن رجلًا من الأنصار جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا، أيقتله، أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذُكر في القرآن، من أَمْر المتلاعنين، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد قضى الله فيك، وفي امرأتك"، قال: فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد، فلما فرغا قال: كذبت عليها يا رسول الله، إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا، قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكان ذلك تفريقًا بين كل متلاعنين.
قال ابن جريج: قال ابن شهاب: فكانت السنّة بعدهما أن يُفَرَّق بين المتلاعنين، وكانت حاملًا، وكان ابنها يُدْعَى لأمه، قال: ثم جرت السنّة في ميراثها أنها ترثه، ويرث منها ما فَرَضَ الله له.
قال ابن جريج: عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد الساعديّ في هذا الحديث: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن جاءت به أحمر قصيرًا، كأنه وَحَرَةٌ، فلا أراها إلا قد صدقت، وكذب عليها، وإن جاءت به أسود، أعين، ذا أَلْيتين، فلا أراه إلا قد صدق عليها"، فجاءت به على المكروه من ذلك. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.