وفاة زوجها، فقد انقضت عدّتها، سواء كان قريبًا من وفاته، ولو لحظة، أو بعيدًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم فيما تنقضي بوضعه العدّة، من الحمل:

قال العلامة ابن قدامة - رَحِمَهُ اللهُ - ما ملخّصه: إذا ألقت المرأة بعد فرقة زوجها، أو موته شيئًا لَمْ يخلُ من خمسة أحوال:

[أحدها]: أن تضع ما بأن فيه خلق الآدميّ، من الرأس، واليد، والرجل، فهذا تنقضي به العدّة بلا خلاف بين العلماء، قال ابن المنذر: أجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أن عدّة المرأة تنقضي بالسقط، إذا عُلم أنه ولد، وممن نحفظ عنه ذلك: الحسن، وابن سيرين، وشُريح، والشعبيّ، والنخعيّ، والزهريّ، والثوريّ، وأبو حنيفة، ومالكٌ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، قال: وذلك لأنه إذا بأن فيه شيء من خلق الآدميّ عُلم أنه حملٌ، فيدخل تحت قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

[الحال الثاني]: أن تُلقي نطفة، أو دمًا، لا تدري، هل هو ما يُخلق منه الآدميّ، أو لا؟ فهذا لا يتعلّق به شيء من الإحكام؛ لأنه لَمْ يثبت أنه ولدٌ، لا بالمشاهدة، ولا بالبيّنة.

[الحال الثالث]: أن تُلقي مضغة، لَمْ تَبِن فيها الخلقة، فشهدت ثقاتٌ من القوابل أن فيه صورة خفيّةً، بأن بها خلقة آدميّ، فهذا في حكم الحال الأول؛ لأنه قد تبيّن بشهادة أهل المعرفة أنه ولد.

[الحال الرابع]: أن تُلقي مضغة، لا صورة فيها، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدميّ، فاختلف عن أحمد، فنقل أبو طالب أن عدّتها لا تنقضي، ولا تصير به أم ولد؛ لأنه لَمْ يبن فيه خلق آدميّ، فأشبه الدم، وقد ذُكر هذا قولًا للشافعيّ، ونقل الأثرم عنه أن عدتها لا تنقضي به، ولكن تصير أم ولد؛ لأنه مشكوك في كونه ولدًا، فلا تنقضي عدتها، ويثبت كونها أم ولد؛ احتياطًا في كلّ منهما.

[الحال الخامس]: أن تضع مضغة لا سورة فيها، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدميّ، فهذا لا تنقضي به عدّة، ولا تصير به أم ولد؛ لأنه لَمْ يثبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015