شرح الحديث:
(عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ) النوفليّ المكيّ (عَن ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - أنه (قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَن أَسْأَلَ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنه -، في رواية عبيد بن حُنين الماضية أنه سمع ابن عباس يُحدّث، قال: مكثت سنة، وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (عَن الْمَرْأَتَيْنِ) وفي رواية عبيد بن حُنين: "عن آية" (مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى) في شأنهما ({إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ} أي: مالت ({قُلُوبُكُمَا}، حَتى حَجَّ عُمَرُ) - رضي الله عنه - (وَحَجَجْتُ مَعَهُ) وفي رواية عبيد: "فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجًّا"، وفي رواية يزيد بن رُومان عند ابن مردويه: "عن ابن عباس: أردت أن أسأل عمر، فكنت أهابه، حتى حججنا معه، فلما قضينا حجنا، قال: مرحبًا بابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما حاجتك؟ ".
(فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيق، عَدَلَ عُمَرُ) أي: عن الطريق الجادّة المسلوكة إلى طريق لا يُسْلَك غالبًا؛ ليقضي حاجته، ووقع في رواية عُبيد بن حُنين السابقة: "فخرجت معه، فلما رجع، فكنا ببعض الطريق عَدَلَ إلى الأراك لحاجة له"، وبيّن في رواية حماد بن سلمة، وابن عيينة كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ أن المكان المذكور هو "مَرّ الظَّهْران"، وقد تقدّم ضبطه، ومعناه قبل حديث (وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ) بكسر الهمزة: الْمِطْهَرة؛ أي: إناء الطهارة، وجمعها الأَدَاي بالفتح (?). (فَتَبَرَّزَ) أي: قَضَى حاجته، وأصل التَّبَرّز من الْبَرَاز، وهو الموضع الخالي البارز عن البيوت، ثم أُطلق على نفس الفعل، وفي رواية حماد بن سلمة المذكورة عند الطيالسيّ: "فدخل عمر الأراك، فقضى حاجته، وقعدت له، حتى خَرَج"، فيؤخذ منه أن المسافر إذا لم يجد الفضاء لقضاء حاجته استتر بما يمكنه الستر به من شجر البادية (?). (ثُمَّ أَتَانِي، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ) وفي رواية عُقيل: "فسكبت من الإداوة"؛ أي: صببت عليه، قال النوويّ رحمه الله: فيه جواز الاستعانة في الوضوء، وقد سبق إيضاحها في أوائل الكتاب، وهو أنها إن كانت لعذر، فلا بأس بها، وإن كانت بغيره فهي خلاف