وبمَرّ عُيُونٌ كَثِيرةٌ، ونَخِيلٌ، لأَسْلَمَ، وهُذَيْلٍ، وغاضِرَةَ، ويعْرَف الآنَ بِوَادِي فاطِمَةَ، وهي إِحْدَى مَناهِلِ الحاجّ، قال كُثَيِّر [من الكامل]:

ولَقَدْ حَلَفْتُ لَهَا يَمِينًا صادِقًا ... بالله عندَ مَحارِمِ الرَّحْمَنِ

بالرّاقِصَاتِ على الكَلَالِ عَشِيَّةً ... تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرَانِ

العَرْمَضُ هنا صِغَارُ الأَرَاك، حكاه ابنُ سِيدَه، عن أَبي حَنِيفَةَ؛ أي: الدِّينوريّ. انتهى (?).

وقوله: (وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولهِ) فاعل "ساق" ضمير حماد بن سلمة.

وقوله: (قُلْتُ: شَأْنُ الْمَرْأَتَيْنِ؟ ) يَحْتَمِل أن يكون مرفوعًا بتقدير "ما" الاستفهاميّة؛ أي: ما شأن المرأتين؟ وَيحتمل أن يكون منصوبًا بفعل مقدّر؛ أي: حدّثني شأن المرأتين، ووقع في بعض النسخ بلفظ: "ما شأن المرأتين"؟ .

وقوله: (وَأَتَيْتُ الْحُجَرَ) وفي نسخة: "فأتيت الحُجَر"، وهو بضمّ الحاء المهملة، وفتح الجيم: جمع حُجْرة، وهي بيوت أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: (وَكَانَ آلَى مِنْهُنَّ شَهْرًا) هو بمد الهمزة، وفتح اللام، ومعناه: حَلَفَ، لا يدخل عليهنّ شهرًا، قال النوويّ رحمه الله: وليس هو من الإيلاء المعروف في اصطلاح الفقهاء، ولا له حكمه، وأصل الإيلاء في اللغة: الحلف على الشيء، يقال منه: آلى يؤالي إيلاءً، وتألّى تَأَلِّيًا، وائتلى ائتلاء، وصار في عُرف الفقهاء مختصًّا بالحلف على الامتناع من وطء الزوجة، ولا خلاف في هذا، إلا ما حُكي عن ابن سيرين أنه قال: الإيلاء الشرعيّ محمول على ما يتعلق بالزوجة، من ترك جماع، أو كلام، أو إنفاق، قال القاضي عياض رحمه الله: لا خلاف بين العلماء أن مجرد الإيلاء لا يوجب في الحال طلاقًا، ولا كفارةً، ولا مطالبةً.

ثم اختلفوا في تقدير مدّته، فقال علماء الحجاز، ومعظم الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم: المؤلي من حلف على أكثر من أربعة أشهر، فإن حلف على أربعة، فليس بمولٍ، وقال الكوفيون: هو من حلف على أربعة أشهر، فأكثر، وشذّ ابن أبي ليلى، والحسن، وابن شبرمة في آخرين، فقالوا: إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015