والإيواء مفوَّضًا إليّ (لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي) أي: لم أفضّل أحدًا من ضرائريّ على نفسي.
وإنما ذكّرت "أحدًا"؛ لأنه يُطلق على الذكر والأنثى، قال الفيّوميّ رحمه الله: "أحدٌ" أصله وَحَدٌ بالواو، فأبدلت الواو همزة، ويقع على الذكر والأنثى، وفي التنزيل: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [الأحزاب: 32]. انتهى (?).
قال النوويّ رحمه الله: قولها: "إن كان ذلك إليّ لم أُوثر على نفسي أحدًا" هذه المنافسة فيه - صلى الله عليه وسلم - ليست لمجرد الاستمتاع، ولمطلق العِشرة، وشهوات النفوس، وحظوظها التي تكون من بعض الناس، بل هي منافسة في أمور الآخرة، والقرب من سيد الأولين والآخرين، والرغبة فيه، وفي خدمته، ومعاشرته، والاستفادة منه، وفي قضاء حقوقه وحوائجه، وتوقع نزول الرحمة والوحي عليه عندها، ونحو ذلك، ومثل هذا حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقوله في القدح: "لا أُوثر بنصيبي منك أحدًا"، ونظائر ذلك كثيرةٌ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [4/ 3682 و 3683] (1476)، و (البخاريّ) في "التفسير" (4789)، و (أبو داود) في "النكاح" (2136)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (5/ 301 - 302)، وأحمد في "مسنده" (6/ 76)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (4206)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (4/ 157)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (6/ 246)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (7/ 74)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): مشروعيّة استئذان الزوجات لمن أراد أن يأتي زوجة في غير نوبتها.