آحادًا، فلا تكون قرآنًا، لكنها خبر مرفوعٌ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صحيحٌ، فهي حجةٌ واضحةٌ لمن يقول بأن الأقراء هي الأطهار، كما تقدّم، وهي قراءة ابن عمر، وابن عبّاس - رضي الله عنهم -، وفي قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لقُبُل طهرهنّ"، قال جماعة من العلماء: وهي محمولة على التفسير، لا التلاوة. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (?).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي رجحه القرطبيّ - رحمه الله - خلاف قول النوويّ من أن لها حكم خبر الواحد في الاحتجاج هو الذي رجحته في "التحفة المرضيّة"، حيث قلت:

وَكُلُّ مَا تَوَاتُرًا لَمْ يَنَلِ ... عِنْدَ الأُصُولِيِّينَ شَاذًا يَنْجَلِي

وَاتَّفَقُوا أَنْ لَيْسَ قُرْآنًا تُلِي ... وَاخْتَلَفُوا هَلْ مِثْلُهُ فِي الْعَمَلِ

وَكَوْنُهُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي ... وُجُوبِ الاحْتِجَاجِ رَاجِحًا يَفِي

وَقَوْلُهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا ... مَذْهَبَ رَاوِيهِ فَيَطْعَنُونَا

فِي نَقْلِهِ رُدَّ بِأنَّهُ افْتِرَا ... عَلَى الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ الْكُبَرَا

بِجَعْلِهِمْ رَأْيًا لَهُمْ قُرْآنَا ... يُعْزَى إِلَى اللهِ فَيَا سُبْحَانَا

كَذَلِكَ التَّجْوِيزُ لِلْقِرَاءَهْ ... أَعْنِي بِمَعْنًى بِئْسَتِ الْجَرَاءَهْ

فَهُمْ بَرِيئُونَ عَنِ الْبُهْتَانِ ذَا ... تَبًّا لِمَنْ يَطْعَنُ فِيهِمْ بِالْبَذَا

وقوله: (في قُبُل عدّتهنّ): قال النوويّ - رحمه الله -: هو - بضم القاف، والباء - أي: في وقتٍ تَستقبل فيه العدّةَ، وتَشرع فيها. انتهى.

وقال السيوطيّ: قوله: "في قُبُل عدّتهنّ" أي: إقبالها، وأوّلها، وحين يمكن الدخول فيها، والشروع، وذلك حال الطهر، يقال: كان ذلك في قُبُل الشتاء؛ أي: إقباله. انتهى (?).

وقال السنديّ - رحمه الله - ما حاصله: هذا الذي قاله السيوطيّ على وفق مذهبه، وأما على مذهب من يقول بأن القرء هو الحيض، فمعنى "في قُبُل عدّتهنّ" أي: إقبالها، فإنها بالطهر صارت مُقبلة للحيض، وصار الحيض مقبلًا عليها. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015