تخالف الروايات السابقة، حيث يدلّ ظاهرها أنه يطلّقها عقب الحيضة التي بعد المراجعة، وتلك تدل على أنه يراجعها بعد الحيضة الثانية، وهي الراجحة؛ لأنها زيادة ثقة حافظ مقبولة، فالأولى أن تؤول هذه الرواية بأن المراد: الحيضة الثانية التي بعد الأولى.
والحاصل أنها تحيض عنده بعد المراجعة حيضتين، فالحيضة الثانية هي التي يطلّق، أو يمسك بعدها، وعلى هذا فتتفق الروايات، دون تخالف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
[3657] (. . .) - (حَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي، وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِى طَلَّقَهَا فِيهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ"، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) بن نصر، أبو محمد الكِسّيّ، ثقةٌ حافظٌ [11] (ت 249) (خت م ت) تقدم في "الإيمان" 7/ 131.
2 - (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن سعد الزهريّ، أبو يوسف المدنيّ، نزيل بغداد، ثقةٌ فاضلٌ، من صغار [9] (ت 208) (ع) تقدم في "الإيمان" 9/ 141.
3 - (مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ) هو: محمد بن عبد الله بن مسلم المدنيّ، صدوقٌ له أوهام [6] (ت 152) أو بعدها (ع) تقدم في "الإيمان" 63/ 352.
4 - (عَمُّهُ) محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهريّ