وعند الدارقطنيّ في رواية شعبة، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر في القصّة: "فقال عمر: يا رسول اللهُ أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم"، ورجاله إلى شعبة ثقات.

وعنده من طريق سعيد بن عبد الرحمن الْجُمَحيّ، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رجلًا قال: إني طلّقت امرأتي البتّةَ، وهي حائضٌ، فقال: عصيت ربّك، وفارقت امرأتك، قال: فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ابن عمر أن يراجعها بطلاق بقي له، وأنت لم تُبق ما ترتجع به امرأتك".

وفي هذا السياق ردٌّ على من حمل الرجعة في قصّة ابن عمر على المعنى اللغويّ.

وقد وافق ابنَ حزم على ذلك من المتأخّرين ابنُ تيميّةَ، وله كلام طويلٌ في تقرير ذلك، والانتصار له، وأعظم ما احتجّوا به ما وقع في رواية أبي الزبير، عن ابن عمر عند مسلم، وأبي داود، والنسائيّ، وفيه: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليُراجعها، فردّها، وقال: إذا طهرت فليُطلّق، أو يمسك"، لفظ مسلم، وللنسائيّ، وأبي داود: "فردّها عليّ"، زاد أبو داود: "ولم يرها شيئًا"، وإسناده على شرط الصحيح، فإن مسلمًا أخرجه من رواية حجاج بن محمد، عن ابن جريج، وساقه على لفظه، ثم أخرجه من رواية أبي عاصم، عنه، وقال: نحو هذه القصّة، ثم أخرجه من رواية عبد الرزّاق، عن ابن جريج، قال: مثل حديث حجاج، وفيه بعض الزيادة، فاشار إلى هذه الزيادة، ولعلّه طَوَى ذكرها عمدًا.

وقد أخرج أحمد الحديث عن رَوح بن عُبادة، عن ابن جريج، فذكرها، فلا يتخيّل انفراد عبد الرزّاق بها.

قال أبو داود: روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة، وأحاديثهم كلّها على خلاف ما قال أبو الزبير.

وقال ابن عبد البرّ: قوله: "ولم يرها شيئًا" منكرٌ، لم يقله غير أبي الزبير، وليس بحجة فيما خالفه فيه مثله، فكيف بمن هو أثبت منه؟ ولو صحّ فمعناه عندي - والله أعلم -: ولم يرها شيئًا مستقيمًا؛ لكونها لم تقع على السنّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015