وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: "الطلاق" هو: حلّ العِصْمة المنعقِدة بين الأزواج بألفاظ مخصوصة، و"الفسخُ": هو إزالة ما يُتوهَّم انعقاده لموجِب يمنع العقدَ، وقد يُطلق الفسخ، ويُراد به الطلاق، على ما يأتي - إن شاء الله تعالى - انتهى (?).

وقال النوويّ - رحمه الله -: "الطلاق": مشتقّ من الإطلاق، وهو الإرسال، والترك، ومنه طَلَّقتُ البلاد: أي تركتها، ويقال: طَلَقَت المرأة، بفتح اللام، وضمّها، والفتح أفصح، تَطْلُق بضمّها فيهما. انتهى (?).

وقال في "الفتح": "الطّلاق" في اللغة حلّ الوثاق، مشتقّ من الإطلاق، وهو الإرسال والترك، وفلان طَلْقُ اليد؛ أي: كثير البذل.

وفي الشرع: حلُّ عُقْدة التزويج فقط، وهو موافقٌ لبعض أفراد مدلوله اللغويّ. قال إمام الحرمين: هو لفظٌ جاهليّ، ورد الشرع بتقريره.

وطلقت المرأة - بفتح الطاء، وضمّ اللام، وبفتحها أيضًا، وهو أفصح - وطُلِّقَتْ أيضًا بضمّ أوله، وكسر اللام الثقيلة، فإن خفّفت فهو خاصّ بالولادة، والمضارعُ فيهما بضمّ اللام، والمصدر في الولادة: طَلْقًا، ساكنة اللام، فهي طالقٌ فيهما. انتهى.

وقال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -: الطلاق مشروع، والأصل في مشروعيّته الكتاب، والسنّة، والإجماع، أما الكتاب فقول الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الآية [البقرة: 229]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} الآية [الطلاق: 1].

وأما السنّة فما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه طلّق امرأته، وهي حائضٌ، فسأل عمرُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ . . . الحديث الآتي في الباب التالي.

قال: في آي وأخبارٍ سوى هذين كثير.

وأجمع الناس على جواز الطلاق، والعبرة دالّة على جوازه؛ فإنه ربّما فَسَدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مَفسدةً مَحْضَةً، وضررًا مجرّدًا بإلزام الزوج النفقةَ والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015