كله، فكلما أشرف لهنّ نَشْزٌ رَمَينه بأبصارهنّ من النشاط، والقوّة على السير. انتهى (?).

(إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا) بضمّتين: أي سَجِيّةً (رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ") أي خُلُقًا آخر غير الذي كرهه (أَوْ) للشكّ من الراوي، ولم يتبيّن لي من هو؟ (قَالَ: "غَيْرَهُ") أي قال بدل قوله: "آخر" لفظة "غيره".

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "لا يَفْرَكْ. . . إلخ": أي لا يُبْغضها بُغْضًا كلّيًّا، يَحْمِله على فراقها، أي لا ينبغي له ذلك، بل يغفر سيّئتها؛ لِحَسَنها، ويتغاضى عما يكره؛ لما يُحبّ، وأصل الفَرْك إنما يقال في النساء، يقال: فَرِكت المرأةُ زوجها، تَفْرَكه، وأبغض الرجل امرأته، وقد استُعمل الْفِرك في الرجل قليلًا، وتجوّزًا، ومنه ما في هذا الحديث. انتهى (?).

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: قوله: "لا يفرَك. . . إلخ" ليس على النهي، قال: هو خبرٌ، أي لا يقع منه بغضٌ تامّ لها، قال: وبغض الرجال للنساء خلاف بغضهنّ لهم، قال: ولهذا قال: "إن كَرِه منها خُلُقًا، رضي منها آخر". انتهى (?).

وتعقّبه النوويّ - رحمه الله -، فقال: هذا الذي قاله عياض ضعيفٌ، أو غَلَطٌ، بل الصواب أنه نهيٌ، أي ينبغي أن لا يُبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خُلُقًا يُكْرَهُ، وجد فيها خُلُقًا مَرْضِيًّا، بأن تكون شَرِسَة الْخُلُق، لكنها دَيِّنةٌ، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك، وهذا الذي ذكرته من أنه نهي يتعين؛ لوجهين:

أحدهما: أن المعروف في الروايات: "لا يَفْرَكْ" بإسكان الكاف، لا برفعها، وهذا يتعين فيه النهي، ولو رُوِيَ مرفوعًا لكان نهيًا بلفظ الخبر.

والثاني: أنه قد وقع خلافه، فبعض الناس يُبغض زوجته بُغْضًا شديدًا، ولو كان خبرًا لم يقع خلافه، وهذا واقع، وما أدري ما حَمَل القاضي على هذا التفسير؟ . انتهى كلام النوويّ - رحمه الله -، وهو تعقّب جيّدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015