(2) - (بَابُ مَا جَاءَ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ)
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: "الْفَحْلُ" بفتح الفاء، وسكون المهملة: الذَّكَر من الحيوان، جمعه فُحُول، وفُحُولةٌ - بالضمّ فيهما - وفِحالٌ - بالكسر -، والمراد به هنا الرجل الذي نزل بسببه لبن المرأة، فنسبة اللبن إليه مجازيّةٌ؛ لكونه السبب فيه.
قال العلّامة ابن قُدامة - رحمه الله - عند قوله: "ولبن الفحل محرِّمٌ": معناه أن المرأة إذا أرضعت طفلًا بلبنٍ ثَابَ من وطء رجل، حُرِّمَ الطفلُ على الرجل، وأقاربه، كما يُحرَّم ولده من النسب؛ لأن اللبن من الرجل، كما هو من المرأة، فيصير الطفل ولدًا للرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل إخوته، سواء كانوا من تلك المرأة، أو من غيرها، وإخوة الرجل، وأخواته أعمام الطفل وعمّاته، وآباؤه، وأمهاته أجداده، وجدّاته.
قال أحمد: لبن الفحل أن يكون للرجل امرأتان، فترضع هذه صبيّة، وهذه صبيًّا، لا يزوّج هذا من هذا، وسُئل ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن رجل له جاريتان، أرضعت إحداهما جارية، والأخرى غُلامًا، فقال: لا، اللقاح واحدٌ، قال الترمذيّ: هذا تفسير لبن الفحل. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قال القاضي عبد الوهّاب: يُتصوّر تجريد لبن الفحل برجل له امرأتان ترضع إحداهما صبيًّا، والأخرى صبيّةً، فالجمهور قالوا: يَحرُم على الصبيّ تزويج الصبيّة، وقال من خالفهم: يجوز. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الجمهور هو الحقّ، وسيأتي تحقيقه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:
[3571] (1445) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرتْهُ أَنَّ أفلَحَ أَخَا أَبِي