انتهى (?). (جَاء إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَن امْرَأَتِي) أراد أنه يعزل عنها عند مجامعته لها في مدّة إرضاعها ولده (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ ") أي العزل عنها (فَقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ) بضمّ الهمزة، وكسر الفاء، من الإشفاق: أي أخاف (عَلَى وَلَدِهَا) أي لِمَا اشتهر عند العرب أنه يضرّ بالولد، وأن ذلك اللبن داء إذا شربه الولد ضَوِيَ، واعتلّ، فخاف عليه الْهُزال، والاعتلال.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "أُشفق على ولدها" يعني أخاف إن لم أعزل أن تَحْمِل، فيضرّ ذلك ولدها، على ما تقدَّم، ويَحْتَمِل أنه خاف فساد اللبن بالوطء، على ما ذكرناه آنفًا. انتهى (?).
(أَوْ) للشكّ من الراوي، أي أو قال: (عَلَى أَوْلَادِهَا) بصيغة الجمع (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ") يعني أنهم يفعلون ذلك، ولم يضرّهم، فأنتم مثلهم في ذلك.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه دليل على أن الأصل في نوع الإنسان المساواة في الْجِبِلّات والْخَلْق، وإن جاز اختلاف العادات والمناشئ، وفيه حجة على إباحة العزل، كما تقدَّم. انتهى (?).
(وقَالَ زُهَيْرٌ) هو ابن حرب شيخه الثاني (فِي رِوَايَتِهِ: "إِنْ كَانَ لِذَلِكَ) أي لأجل ما ذكرته من الإشفاق على الولد، وفي نسخة: "إن كان كذلك" (فَلَا) أي فلا تفعل العزل؛ لأنه لا داعي له؛ إذ ما ذكرته من السبب ليس مقبولًا؛ لما ذُكر من أن فارس والروم ما تضرّروا بذلك، فما زعمته العرب ليس صحيحًا، وقوله: (مَا ضَارَ ذَلِكَ فَارِسَ وَلَا الرُّومَ") بتخفيف الراء، من الضير، أي ما ضرّهم، يقال: ضاره يَضيره ضَيْرًا، من باب باع، وضرّه يضُرّه، من باب نصر، ضُرًّا بالفتح والضمّ، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: الضّرّ: الفاقة والفقر، بضمّ الضاد اسم، وبفتحها مصدرُ ضرّه يضُرّه، من باب قتل: إذا فعل به مكروهًا، وأضرّ به يتعدَّى بنفسه ثلاثيًّا، وبالباء رُباعيًّا، قال الأزهريّ: كلُّ ما كان سُوء حال،