وهو استدلال واضحٌ لأن الزمان كان زمان التشريع، وإن لم يضفه إلى زمنه فموقوف.

وأهمل المصنّف مذاهب:

[الأول]: أنه مرفوع مطلقًا، وقد حكاه شيخنا - يعني العراقيّ - وهو الذي اعتمده الشيخان في "صحيحيهما"، وأكثر منه البخاريّ.

[والثاني]: التفصيل بين أن يكون ذلك الفعل مما لا يَخْفَى غالبًا، فيكون مرفوعًا، أو يخفى، فيكون موقوفًا، وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازيّ، وزاد ابن السمعانيّ في "كتاب القواطع"، فقال: إذا قال الصحابيّ: كانوا يفعلون كذا، وأضافه إلى عصر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان مما لا يخفى مثله، فيُحمل على تقرير النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويكون شرعًا، وإن كان مثله يخفى، فإن تكرر منهم حُمِل أيضًا على تقريره؛ لأن الأغلب فيما يكثر أنه لا يخفى، والله أعلم.

[الثالث]: إن أورده الصحابي في معرض الحجة حُمِل على الرفع، وإلا فموقوف، حكاه القرطبيّ.

قال الحافظ: وينقدح أن يقال: إن كان قائل: "كنا نفعل" من أهل الاجتهاد احْتَمَلَ أن يكون موقوفًا، وإلا فهو مرفوعٌ، ولم أر من صرّح بنقله.

قال: ومع كونه موقوفًا، فهل هو من قبيل نقل الإجماع أو لا؟ فط خلاف مذكور في الأصول، جزم بعضهم بأنه إن كان في اللفظ ما يُشعر به، مثل: كان الناس يفعلون كذا، فمن قبيل نَقْلِ الإجماع، وإلا فلا (?).

وإلى ما ذُكر أشار السيوطيّ - رحمه الله - في "ألفيّة الحديث" حيث قال:

وَلْيُعْطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوَابِ ... نَحْوُ "مِنَ السُّنَّةِ" مِنْ صَحَابِي

كَذَا "أُمِرْنَا" وَكَذَا "كُنَّا نَرَى" ... فِي عَهْدِهِ أَوْ عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى

ثَالِثُهَا إِنْ كَانَ لَا يَخْفَى وَفِي ... تَصْرِيحِهِ بِعِلْمِهِ الْخُلْفُ نَفِي

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015