النسك به، بخلاف المسجدين الآخرين، قال الحافظ: وهذا هو المنصور لأصحاب الشافعيّ.

قال ابن التين: والحجة على الشافعي أن إعمال المطيّ إلى مسجد المدينة، والمسجد الأقصى، والصلاة فيهما قربة، فوجب أن يلزم بالنذر؛ كالمسجد الحرام.

وقال ابن المنذر - رحمه الله -: يجب إلى الحرمين، وأما الأقصى فلا، واستأنس بحديث جابر - رضي الله عنه -: أن رجلًا قال للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال: "صلِّ ههنا" (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي قول الأولين؛ لحديث الباب، إذ شدّ الرحل إلى هذه المساجد مشروع، ومن نذر أن يطيع الله في المشروع لزمه الوفاء به؛ لِما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".

والحاصل: أن من نذر السفر إلى أحد هذه المساجد الثلاثة لزمه الوفاء به، أي لمن كان في مكة والمدينة، فيكفيه أن يصلي فيهما، ولا يلزمه السفر إلى بيت المقدس؛ لِما دلّ عليه حديث جابر - رضي الله عنه - المذكور، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): من نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة لصلاة أو لغيرها لا يلزمه الوفاء به؛ لأنه لا فضل لبعضها على بعض، فتكفي صلاته في أيّ مسجد كان.

قال النوويّ - رحمه الله -: لا اختلاف في ذلك إلا ما رُوي عن الليث أنه قال: يجب الوفاء به. وعن الحنابلة رواية: يلزمه كفارة يمين، ولا ينعقد نذره، وعن المالكية رواية: إن تعلقت به عبادة تختص به، كرباط لزم، وإلا فلا، وذُكر عن محمد بن مسلمة المالكي أنه يلزم في مسجد قباء؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "كان يأتيه كل سبت".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015