يبقى فيها، ولا يثبت إلا الطيب من الناس لصحبته - صلى الله عليه وسلم -، وللفهم عنه، فلما مات

خرج عنها كثير من جلّة أصحابه؛ لنشر علمه، والتبليغ لدينه - صلى الله عليه وسلم -.

[فإن قيل]: إن عمر بن عبد العزيز قد خَشِي أن يكون ممن نَفَت المدينة،

وليس ذلك في المعنى الذي ذكرت من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأخذ عنه، بل

ذلك لفضل المدينة الباقي إلى يوم القيامة.

[قيل له]: لا يُنكِر فضل المدينة عالم، ولكن قوله: "تنفي خبثها، وينصع

طيبها" ليس إلا على ما قلنا، بدليل خروج الفضلاء الصحابة الطيبين منها إلى

الشام، والعراق، ولا يجوز أن يقال في واحد منهم: إنهم كانوا خبثاء - رضي الله عنهم -،

وقد يقول العالم القول على الإشفاق على نفسه، فلا يكون في ذلك حجة على

غيره.

قال أبو عمر: كان خروج عمر بن عبد العزيز من المدينة حين قال هذا

القول، فيما ذكر أهل السير، في شهر رمضان، من سنة ثلاث وتسعين، وذلك

أن الحجاج كتب إلى الوليد، فيما ذكروا؛ أن عمر بن عبد العزيز بالمدينة كهف

للمنافقين، فجاوبه الوليد: إني أعزله، فعزله، ووَلَّى عثمان بن حيان الْمُرّيّ،

وذلك في شهر رمضان المذكور، فلما صار عمر بالسويداء، قال لمزاحم: يا

مزاحم أتخاف أن نكون ممن نفت المدينة؟

وقال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيت خيراً من عمر بن

عبد العزيز، وابنه عبد الملك، ومولاه مزاحم. انتهى كلام ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?)،

وهو بحث طويل مفيدٌ جدّاً، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع

والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب

قال: .

[3357] (1384) - (وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَهُوَ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا

أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ زيدِ بْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015