5 - (ومنها): أن فيه عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، روت (2210)
أحاديث، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنهما - أنَّها (قَالَتْ: قَدِمْنَا) بكسر الدال (الْمَدِينَةَ) في الهجرة
يوم الإثنين لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، في أحد الأقوال، قاله الزرقانيّ
(وَهِيَ وَبِيئَةٌ) بفتح الواو، وكسر الموحدة؛ أي: كثيرة الوباء، قال
الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْوَبَاء بالهمز: مَرَضٌ عام، يُمَدّ ويُقْصَر، وُيجمَع الممدود على
أَوْبِئة، مثلُ متاع وأَمْتِعَة، والمقصور على أَوْباء، مثلُ سبب وأسباب، وقد
وَبِئت الأرضُ تَوْبَأُ، من باب تَعِبَ وَبْئًا، مثلُ فَلْس: كَثُر مرضها، فهي وَبِئَة،
ووَبِيئةٌ، على فَعِلَة وفَعِيلةٍ، ووُبِئت بالبناء للمفعول، فهي مَوْبُوءة؛ أي: ذات
وَبَاء. انتهى (?).
وفي رواية للبخاريّ: "قالت: وقدِمنا المدينة، وهي أوبأ أرض الله"،
بالهمز بوزن أفعل، من الوباء، قال الحافظ: الوباء أعمّ من الطاعون، وحقيقته
مرضٌ عام ينشأ عن فساد الهواء، وقد يسمى طاعونًا بطريق المجاز، قال: وما
كان وباء المدينة إلَّا حُمَّى كما هو مُبَيَّن في حديث عائشة - رضي الله عنهما -، قال: وزاد
محمد بن إسحاق في روايته، عن هشام بن عروة، قال هشام: وكان وباؤها
معروفًا في الجاهلية، وكان الإنسان إذا دخلها وأراد أن يَسْلَم من وبائها قيل
له: انْهَقْ، فَيَنْهَق كما ينهق الحمار، وفي ذلك يقول الشاعر [من الطويل]:
لَعَمْرِي لَئِنْ غَنَّيْتُ مِنْ خِيفَةِ الرَّدَى ... نَهِيقَ حِمَارٍ إِنَّنِي لَمُرَوَّعُ
قال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: قدومه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الوباء، مع صحة نهيه عنه؛
لأن النهي إنما هو في الموت الذريع والطاعون، والذي بالمدينة إنما كان وخمًا
يمرض بسببه كثير من الغرباء؛ يعني أن المنهيّ عنه إنما هو في القدوم على
الوباء الذريع والطاعون، وما كان بالمدينة ليس كذلك، وإنما كان مجرد حُمَّى
تَشْتَدّ وتطول مدتها بالنسبة إلى الغرباء، ولا يغلب الموت بسببها، قال: أو أن