سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا (?) فَيَمُوتَ، إِلَّا كُنْتُ لَهُ
شَفِيعًا، أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) تقدّم في الباب الماضي.
2 - (لَيْثُ) بن سعد الإمام المصريّ المشهور، تقدّم قريبًا.
3 - (سَعِيدُ بْنُ أَيِ سَعِيدٍ) كيسان المقبريّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
والباقيان ذُكرا قبله.
وقوله: (لَيَالِي الْحَرَّةِ)؛ يعني الفتنة المشهورة التي نُهبت فيها المدينة سنة
ثلاث وستّين.
قوله: "ليالي الحرة"؛ يعني به حَرّة المدينة، كان بها مقتلة عظيمة في أهل
المدينة، كان سببها: أن ابن الزبير وأكثر أهل الحجاز كرهوا بيعة يزيد بن
معاوبة، فلما مات معاوية - رضي الله عنه - وجَّه يزيدُ مسلمَ بنَ عقبة المرّيّ في جيشٍ عظيم
من أهل الشام، فنزل بالمدينة، فقاتل أهلها، فهزمهم، وقتلهم بحرَّة المدينة قتلًا
ذريعًا، واستباح المدينة ثلاثة أيام، فسُمّيت وقعة الحزَة بذلك، ثم إنه توجه
بذلك الجيش يريد مكة، فمات مسلم بقُديد، وولي الجيش الحصين بن نمير،
وسار إلى مكة، وحاصر ابن الزبير، وأُحرقت الكعبة، حتى انهدم جدارها،
وسقط سقفها، فبينما هم كذلك، بلغهم موت يزيد فتفرقوا، وبقي ابن الزبير
بمكة إلى زمان الحجاج، وقتله لابن الزبير، رضي الله عن ابن الزبير وأبيه.
انتهى (?).
وقوله: (فِي الْجَلَاءِ مِنَ الْمَدِينَةِ) "الْجَلاءُ" - بفتح الجيم والمدّ -: الفرار
من البلد إلى غيره، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?).
وقال القرطبيّ: "الجلاء" بفتح الجيم، والمدّ: الانتقال من موضع إلى
آخر، والجلاء - بكسر الجيم والمد -: هو جِلاء السيف والعروس، والجلى