السين المهملتين، ثم فاء: موضع بين مكة والمدينة، ويُذكّر، ويؤنّث، قال
الفيّوميّ: ويُسمّى في زماننا مَدْرَجَ عُثمان، وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل،
ونونه زائدة. انتهى (?). (فَأَقَامَ) النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِهَا)؛ أي: بعُسفان، تقدّم آنفًا أنَّها
تذكّر وتؤنّث (لَيَالِيَ، فَقَالَ النَّاسُ: وَاللهِ مَا) نافية (نَحْنُ هَا هُنَا فِي شَيْءٍ)؛ أي:
لسنا في شيء نافع لنا (وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ) بضمّ الخاء المعجمة؛ أي: لا
حافظ لهم، ولا حامي، يقال: حيٌّ خُلُوفٌ؛ أي: غاب عنهم رجالهم، قاله
القرطبيّ (?)، وقال النوويّ: أي: ليس عندهم رجال، ولا من يحميهم (?)، وقال
ابن الأثير: يقال: حيّ خُلُوفٌ: إذا غاب الرجال، وأقام النساء، ويُطلق على
المقيمين، والظاعنين. انتهى (?). (مَا نَأْمَنُ) بفتح الميم، من باب تَعِب
(عَلَيْهِمْ)؛ أي: نخاف عليهم العدوّ أن يأتيهم ونحن غائبون (فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
فَقَالَ: "مَا) استفهاميّة (هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ ")؛ أي: أيُّ شيء هذا
الذي بلغني مما تحدّثتم به من شؤون عيالكم؟ وقوله: (مَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ) هذا
شكّ من أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - فيما عبّر به النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ربّه عند حلفه، هل
قال: ("وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ) أي: وهو الله تعالى (أَوْ) قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،
لَقَدْ هَمَمْتُ) من باب نصر (أَوْ إِنْ شِئْتُمْ"، لَا أَدْرِي أَيُّتَهُمَا قَالَ؟ ) وهذا أيضًا شكّ
في لفظ الحديث، هل قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لقد هممت، أو قال: إن شئتم" ("لَآمُرَنَّ
بِنَاقَتِي تُرْحَلُ) بضمّ أوله، وإسكاء الراء، مبنيًّا للمفعول؛ أي: يشدّ عليها
رحلها، وضبطه القرطبيّ بتشديد الحاء (ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ")
قال القرطبيّ: أي أصِلُ المشي والإسراع، وذلك لمحبته الكونَ في المدينة،
وشدّة شوقه إليها. انتهى (?).
وقال النوويّ: معناه: ثم أواصل السير، ولا أحلّ عن راحلتي عُقدة من
عُقَد حملها، ورحلها، حتى أصل المدينة؛ لمبالغتي في الإسراع إليها (?)،
(وَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ) - عَلَيْهِ السَّلَامْ - (حَرَّمَ مَكَّةَ)؛ أي: أظهر للناس تحريمها؛