(قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) -رضي الله عنه- (فَقَالَ: مَنْ) شرطيّة مبتدأ (زَعَمَ أَن
عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ) وفي رواية البخاريّ: "ما عندنا شيء إلا كتاب الله"، قال في
"الفتح": قوله: "ما عندنا شيءٌ"؛ أي: مكتوب، وإلا فكان عندهم أشياء من
السنة سوى الكتاب، أو المنفيّ شيء اختصوا به عن الناس، وسبب قول عليّ
هذا يظهر مما أخرجه أحمد، من طريق قتادة، عن أبي حسان الأعرج "أن عليًّا
كان يأمر بالأمر، فيقال له: قد فعلناه، فيقول: صدق الله ورسوله، فقال له
الأشتر: إن هذا الذي تقول، أهو شيء عهده إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: ما
عهد إليّ شيئًا خاصّةً دون الناس، إلا شيئًا سمعته منه، فهو في صحيفة، في
قراب سيفي، فلم يزالوا به، حتى أخرج الصحيفة، فإذا فيها ... "، فذكر
الحديث، وزاد فيه: "المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وشمعى بذمتهم أدناهم، وهم يَد
على من سواهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده"، وقال فيه:
"إن إبراهيم حرّم مكة، وإني أحرّم ما بين حرتيها، وحماها كله، لا يُختلى
خَلاها، ولا يُنَفَّر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، ولا يقطع منها شجرة، إلا أن
يَعْلِف رجل بعيره، ولا يُحْمَل فيها السلاح لقتال"، والباقي نحوه.
وأخرجه الدارقطنيّ من وجه آخر عن قتادة، عن أبي حسان، عن الأشتر،
عن عليّ، ولأحمد، وأبي داود، والنسائيّ من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن
قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُباد، قال: انطلقت أنا، والأشتر إلى عليّ،
فقلنا: هل عهد إليك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا،
إلا ما في كتابي هذا، قال: وكتاب في قراب سيفه، فإذا فيه: "المؤمنون تتكافأ
دماؤهم " فذكر مثل ما تقدم إلى قوله: "في عهده، من أحدث حدثاً" إلى قوله:
"أجمعين"، ولم يذكر بقية الحديث.
ولمسلم من طريق أبي الطفيل: "كنت عند عليّ، فأتاه رجل، فقال: ما
كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُسِرّ إليك؟ فغضب، ثم قال: ما كان يُسِرّ إليّ شيئًا يكتمه عن
الناس، غير أنه حدّثني بكلمات أربع"، وفي رواية له: " ما خَصّنا بشيء، لم
يعمّ به الناس كافّةً، إلا ما كان في قراب سيفي هذا، فأخرج صحيفة مكتوبًا
فيها: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض، ولعن الله من
لعن والده، ولعن الله من آوى محدثًا".