أما غير ما ذكرنا من الدماء فلم يقم دليل يجب الرجوع إليه على الأكل
منه، ولا يتحقق دخوله في عموم قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا}؛ لأنه لترك
واجب، أو فعل محظور، فهو بالكفارات أشبه، وعدم الأكل منه أظهر
وأحوط، والعلم عند الله تعالى. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره الشيخ الشنقيطيّ رحمه اللهُ تحقيق
نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب
قال:
[3218] ( ... ) - (وَحَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ،
عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ
بِثَمَانَ عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَ
الْحَدِيثِ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (عَلىُّ بْنُ حُجْرٍ) تقدّم قبل باب.
2 - (إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ) تقدّم أيضًا قبل باب.
والباقون ذُكروا في الباب، وفيما قبله.
وقوله: (بِثَمَانَ عَشْرَةَ بَدَنَةً) تقدّم الجمع بينه وبين الرواية السابقة بلفظ:
"بستّ عشرة بدنة" بحمله على قضيّتين، أو بأن مفهوم العدد لا يُعتبر، والأول
أظهر، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: رواية إسماعيل ابن عُليّة، عن أبي التّيّاح هذه ساقها ابن
الجارود رحمه اللهُ في "المنتقى" 1/ 113 فقال:
(425) - حدّثنا الحسن بن محمد الزعفرانيّ، قال: ثنا إسماعيل ابن
عُليّة، عن أبي التّيّاح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -