عليها أجرة الجازر؛ لأنه لما كان الهدي منفعته له تعينت أجرة الذي تتم به
تلك المنفعة عليه.
وقال أبو بكر الجصّاص رحمه الله في "أحكامه": ولما منع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يعطى
الجازر من الهدي شيئًا في جزارتها، وقال: إنا نعطيه من عندنا، دلّ ذلك على
معنيين: أحدهما: أن المحظور من ذلك أن يعطيه منها على وجه الأجرة؛ لأن
في بعض ألفاظ حديث عليّ -رضي الله عنه-: "وأمرني أن لا أعطي أجر الجزار منها"،
وفي بعضها: "أن لا أعطيه في جزارتها منها شيئًا"، فدل على أنه جائز أن
يُعْطَى الجازر من غير أجرته، كما يُعْطَى سائر الناس، وفيه دليل على جواز
الإجارة على نحر البدن؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "نحن نعطيه من عندنا"، وهو
أصل في جواز الإجارة على كل عمل معلوم، قال: وأجاز أصحابنا -يعني
الحنفيّة- الإجارة على ذبح شاة، ومنع أبو حنيفة الإجارة على قتل رجل
بقصاص، والفرق بينهما أن الذبح عمل معلوم، والقتل مبهم، غير معلوم، ولا
يُدرى أيقتله بضربة، أو ضربتين، أو أكثر. انتهى (?)، والله تعالى أعلم
بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [59/ 3181 و 3182 و 3183 و 3184 و 3185]
(1317)، و (البخاريّ) في "الحجّ " (1707 و 1716 و 1717 و 1718)
و"الوكالة" (2299)، و (أبو داود) في "المناسك" (1769)، و (النسائيّ) في
"الكبرى" (2/ 457)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (3/ 217)، و (الحميديّ)
في "مسنده" (1/ 24)، و (أحمد) في "مسنده" (1/ 79 و 123 و 132 و 143
و154 و 159)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (2919 و 2920 و 2922
و2923)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (2/ 314 و 315)، و (أبو نعيم) في