تأذيًا ليس بالْهَيّن كما تقدم في حدّ العقوق، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق، ونحو ذلك. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ على أن سبب الشيء قد يُنزّله الشرع منزلة الشيء في المنع، فيكون حجة لمن منع بيع العنب ممن يعصره خمرًا، ويمنع بيع ثياب الخزّ ممن يلبسها، وهي لا تحلّ له، وهو أحد القولين للمالكيّة، وفيه حجة لمالك على القول بسدّ الذرائع، وهو من نحو قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، والذريعة هي الامتناع مما ليس ممنوعًا في نفسه مخافةَ الوقوع في محظور. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه المصنّف هنا في "الإيمان" [40/ 270 و 271] (90)، و (البخاريّ) في "الأدب" (5973)، و (أبو داود) في "الأدب" (5141)، و (الترمذيّ) في "البرّ والصلة" (1902)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 164 و 214 و 216)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (150)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (263 و 264)، وفي "الحلية" (3/ 172)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (411 و 412)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): تحريم سبّ الوالدين، وكونه من الكبائر.
2 - (ومنها): بيان عظمة حقّ الوالدين، وأن أيّ فعل يتأذّيان به فإنه حرام، وإن لم يكن مباشرة.
3 - (ومنها): ما قاله ابن بطال رحمه الله تعالى: هذا الحديث أصلٌ في سدّ الذرائع، ويؤخذ منه أن مَن آل فعله إلى مُحَرَّم يَحْرُم عليه ذلك الفعل، وإن لم يقصد إلى ما يَحْرُم، والأصل في هذا الحديث قوله تعالى: