قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حَدِّ الإصرار: هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارًا يُشعِر بقلة مبالاته بدينه؛ إشعارَ ارتكاب الكبيرة بذلك، قال: وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع، بحيث يُشعر مجموعها بما يُشعر به أصغر الكبائر.
وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى: الْمُصِرُّ مَن تلبّس من أضداد التوبة باسم العزم على المعاودة، أو باستدامة الفعل، بحيث يَدخُل به ذنبه في حيز ما يُطلَق عليه الوصف بصيرورته كبيرًا عظيمًا، وليس لزمان ذلك وعدده حصر، والله تعالى أعلم، ذكره النوويّ رحمه الله تعالى في "شرحه" (?)، وهو بحثٌ مفيدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
[270] (90) - (حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَاد، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاص، أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ ، قَالَ: "نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أباهُ، وَيَسُبُّ أمّهُ فَيَسُبُّ أمّهُ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) الثّقَفيّ، أبو رجاء البَغْلانيّ، ثقةٌ ثبتٌ [10] (ت 240) (ع) تقدم في "المقدمة" 6/ 50.
2 - (اللَّيْثُ) بن سعد بن عبد الرحمن الفهميّ، أبو الحارث المصريّ، ثقة ثبتٌ فقيهٌ إمام مشهور [7] (ت 175) (ع) تقدم في "شرح المقدّمة" جـ 2 ص 412.
3 - (ابْنُ الْهَادِ) هو: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثيّ، أبو عبد الله المدنيّ، ثقة مكثرٌ [5] (ت 139) (ع) تقدم في "الإيمان" 13/ 159.