بعض الفقهاء والقراء، وخالفهم المحققون، وقالوا: بل هو اجتهاد من الأئمة،
وليس بتوقيف، قال القاضي: وتقديمه هنا "النساء" على "آل عمران" دليل على
أنه لم يرد إلا نظم الآي؛ لأن الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان - رضي الله عنه -،
ولا يخالفه، والظاهر أنه أراد ترتيب الآي لا ترتيب السور. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم البحث في هذا في "كتاب الصلاة"
مستوفى، وأن الأرجح أن ترتيب السور توقيفيّ أيضًا، فراجعه تستفد، وبالله
تعالى التوفيق.
وقوله: (السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ) بالباء للمفعول (فِيهَا الْبَقَرَةُ) بيان لكيفيّة
تأليفه، ومراده أنهم لا يؤلّفونه بقولهم: "سورة البقرة"، وإنما يقولون: "السورة
التي تُذكر فيها البقرة"، وفي الرواية التالية: "لا تقولوا: سورة البقرة ... "
(وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، قَالَ)
الأعمش (فَلَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ) بن يزيد النخعيَّ (فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلهِ)؛ أي: بقول الحجّاج
المذكور (فَسَبَّهُ) أي شتمه وعابه؛ لإنكاره المعروف (وَقَالَ) إبراهيم (حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ) النخعيّ أخو الأسود (أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ) - رضي الله عنه -
(فَهتى) بالبناء للفاعل (جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) أي الجمرة التي تُرمى إلى جهة العقبة،
وهي الجمرة الكبرى، وليست من منى، بل هي حذ منى من جهة مكة، وهي
التي بايع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصار عندها على الهجرة، والجمرة اسم لمُجتَمَع
الحصى، سميت بذلك؛ لاجتماع الناس بها، يقال: تجمّر بنو فلان: إذا
اجتمعوا، وقيل: إن العرب تسمّي الحصى الصغار جِماراً، فسمّيت تسمية
الشيء بلازمه، وقيل: لأن آدم، أو إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لما عرض له إبليس، فحصبه،
جَمّر بين يديه؛ أي أسرع، فسمّيت بذلك.
وتمتاز جمرة العقبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: إختصاصها بيوم
النحر، وأن لا يوقف عندها، وترمى ضُحًى، ومن أسفلها استحباباً، أفاده في
"الفتح" (?).