قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن ما قاله الجمهور من أنه لا يحلّ الفرار إلا فيما زاد العدو على الضعف هو الحقّ؛ لظهور حجّته، والله تعالى أعلم.

(وَقَذفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ") أي رميُهنّ بالزنى، و"الإحصان" هنا: العِفّةُ عن الفواحش، و"الغافلات" أي عما رُمين به من الفاحشة، أي هنّ بريئات من ذلك، لا خَبَرَ عندهنّ منه، قاله القرطبيّ (?).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما "المحصنات الغافلات": فبكسر الصاد وفتحها، قراءتان في السبع، قرأ الكسائيّ بالكسر، والباقون بالفتح، والمراد بـ "المحصنات" هنا: العفائف، وبـ "الغافلات": الغافلات عن الفواحش، وما قُذِفن به. انتهى (?).

[فائدة]: قال النوويّ رحمه الله تعالى: "الإحصان" في الشرع خمسة أقسام:

[أحدهما]: الإحصان في الزنا، الذي يوجب الرجم على الزاني، وهو الوطء بنكاح.

[والثاني]: الإحصان في المقذوف، وهو العفّة، وهو الذي يوجب على قاذفه ثمانين جلدة.

[والثالث]: الإحصان بمعنى الحريّة.

[والرابع]: الإحصان بمعنى التزويج.

[والخامس]: الإحصان بمعنى الإسلام.

فأما الإحصان في الزنا، فليس له ذكر في القرآن العزيز إلا في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}، قالوا: معناه مُصيبين بالنكاح، لا بالزنا.

وأما الأربعة الباقية فمذكورة في الكتاب العزيز، فأما الإحصان في المقذوف، فهو المراد بقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية، وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 23] الآية.

وأما الإحصان بمعنى الحرية، فهو المراد بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015