وأما الثانية، فرُويت أيضًا بالعين المهملة، وممن ذكر الروايتين فيها

المعجمة والمهملة: أبو عبيد، والقاضي عياض، ومعنى المهملة: أنَّها فَرَّقَت

مذاهب الناس، وأوقعت الخلاف بينهم، ومعنى المعجمة: خَلَطَت عليهم

أمرهم. انتهى.

وقال في "كشف المشكل": قوله: "تشغفت الناس" هذه الكلمة تُروى

على ستة أوجه:

[أحدها]: "تشغفت" أي حَلّت شغاف قلوبهم، فشغلتها.

[والثاني]: تشعبت بالناس: أي تفرقت بهم.

[والثالث]: شعبت الناس.

[والرابع]: شعّبت بالتشديد والتخفيف، ومعناهما: فرقتهم.

[والخامس]: شغبت: أي أوجبت الشغب، وا لاختلاف بينهم، والشغب

ها هنا هَيَجَان الشرّ والمنازعة.

[والسادس]: أن هذا الأمر قد تفشغ الناس، والمعنى: تفشغ فيهم: أي

كَثُر، يقال: تفشغ في رأسه الشيب، أي كثر، وانتشر، قال الأصمعي: تفشغ

الشيء: فشا وكثُر. انتهى (?).

وقوله: (أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ) يَحْتَمِل فتح همزة "أَنَّ" ويكون المصدر

المؤوّل خبرًا لمحذوف، أي: هي حلُّ من طاف بالبيت، وَيحتَمِل أن تكون

بالكسر، وتكون الجملة بيانًا للفتيا (فَقَدْ حَلَّ) أي من إحرامه (فَقَالَ) ابن

عبّاس - رضي الله عنهما - (سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) برفع "سنّةُ" خبرًا لمحذوف، أي هي سنته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَإِنْ

رَغَمْتمْ) بفتح أوله، وثانيه، وبكسر ثانيه أيضًا: أي وإن ذَلَلتم، قال

الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الرَّغَام بالفتح: التراب، ورَغَمَ أنفه رَغْمًا، من باب قَتَلَ، ورَغِمَ

من باب تَجبَ لغةٌ، كناية عن الذّلّ، كانه لَصِقَ بالزَغَام. انتهى (?).

وفي الرواية التالية: "قيل لابن عبّاس: إن هذا الأمر قد تفشّغ بالناس،

من طاف بالبيت فقد حلّ، الطواف عمرة، فقال: سنة نبيكم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإن رغمتم".

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر من مجموع الروايات أن مراد ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015