وتعقّبه الحافظ، فقال: وفيما قال نظر من أوجه:
[أحدها]: ما نقله من الإجماع، ولعله لا يقدر أن يأتي بنقل صحيح صريح بما ادّعاه عن إمام واحد، بل المنقول عن جماعة عكسه، فإن الحدّ عند الجمهور، والراجح من الأقوال إنما ثَبَتَ فيه بالقياس على الزنا، والمقيس عليه أعظم من المقيس، أو مساويه، والخبر الوارد في قتل الفاعل والمفعول به، أو رجمهما ضعيف.
[وأما ثانيًا]: فما من مفسدة فيه إلَّا ويوجد مثلها في الزنا وأشدّ، ولو لَمْ يكن إلَّا ما قيّد به في الحديث المذكور، فإن المفسدة فيه شديدة جدًّا، ولا يتأتى مثلها في الذَّنْب الآخر، وعلى التنزل فلا يزيد.
[وأما ثالثًا]: ففيه مصادمة للنص الصريح على الأعظمية من غير ضرورة إلى ذلك.
[وأما رابعًا]: فالذي مَثَّل به من قصة الأشربة ليس فيه إلَّا أنه اقتَصَر لهم على بعض المناهي، وليس فيه تصريحٌ، ولا إشارة بالحصر في الذي اقتَصَر عليه، والذي يظهر أن كلًّا من الثلاثة على ترتيبها في العِظَم، ولو جاز أن يكون فيما لَمْ يذكره شيء يتصف بكونه أعظم منها لما طابق الجواب السؤال.
نعم، يجوز أن يكون فيما لَمْ يذكر شيء يساوي ما ذُكر، فيكون التقدير في المرتبة الثانية مثلًا بعد القتل الموصوف، وما يكون في الفُحْش مثله أو نحوه، لكن يستلزم أن يكون فيما لَمْ يذكر في المرتبة الثانية شيء هو أعظم مما ذُكر في المرتبة الثالثة، ولا محذور في ذلك.
وأما عَدُّ عقوق الوالدين في أكبر الكبائر في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - الآتي في الباب التالي، فيجوز أن تكون رتبة رابعة، وهي أكبر مما دونها. انتهى كلام الحافظ ببعض تصرّف (?).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا) بكسر النون: أي نظيرًا، وقال الفيّوميّ: النِّدُّ بالكسر: المثل، والنَّدِيد مثله، ولا يكون النّدّ إلَّا مخالفًا، والجمع أنداد، مثلُ حِمْل وأَحمال. انتهى.