فَلَمَّا قَدِمَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ؟ قَالَ:
إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللهِ، فَإِن اللهَ قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا -
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ).
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ) الْعَنْبريّ مولاهم، أبو سعيد البصريّ، ثقةٌ
ثبتٌ إمامٌ حجة [9] (ت 198) وهو ابن (73) سنة (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة"
جـ 1 ص 388.
2 - (سُفْيَانُ) بن سعيد الثوريّ، تقدّم قبل باب.
والباقون ذُكروا قبله، و"قيسٌ" هو ابن مسلم.
وقوله: (ثُمَّ حِلَّ) بكسر الحاء المهملة، من حلّ الثلاثيّ، وتقدم في
الرواية الأولى بلفظ: "أَحِلّ" من الإحلال رباعيًّا، وكلاهما لغتان بمعنى واحد،
أي: اخرُج من إحرامك، وتحلّل منه بعمل العمرة.
وقوله: (فَمَشَطَتْنِي) بالتخفيف، وَيحْتَمِل التشديد، يقال: مشَطتُ الشَّعْرَ
مَشْطًا، من باب قتل، وضرب: سرّحته، والتثقيل مبالغة، قاله الفيّوميّ،
والمعنى أنها سرّحت شعر رأس أبي موسى -رضي الله عنه-، وأصلحته.
وقوله: (فَإِنِّي لَقَائِمٌ بِالْمَوْسِمِ) بفتح الميم، وسكون الواو، وكسر السين
المهملة: أي في مكان اجتماع الحجّاج، قال الليث: موسم الحجّ، سُمِّي
موسمًا لأنه مَعْلَمٌ يُجتمع إليه، وقال ابن السكّيت: كل مَجمَع من الناس كثيرٍ
هو مَوْسِمٌ، ومنه مَوْسِم منى، أفاده في "اللسان".
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تمام شرحه، وبيان مسائله في الرواية
الأولى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب
قال:
[2960] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ
شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه-، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَنِي إِلى الْيَمَنِ، قَالَ: