انتهى ما في "اللسان" (?).
والى هذا مع "بَلْهَ" أشار ابن مالك رحمه اللهُ في "خلاصته" حيث قال:
كَذَا رُويدَ بَلْهَ نَاصِبَيْنِ ... وَيَعْمَلَانِ الْخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ (?)
قال النوويّ رحمه الله: معنى "رُوَيدك": ارفُق قليلًا، وأمسك عن الْفُتْيَا،
ويقال: فُتيا، وفَتْوى لغتان مشهورتان. انتهى.
(فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ) أي عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- (فِي
النُّسُكِ) أي في شأنها (بَعْدَكَ) بالضم، من الظروف المبنيّة على الضمّ؛ لقطعه
عن الإضافة، ونيّة معناها: أي بعد مفارقته لك، أو بعد ما كنت تعلمه مما
تفتي به الناس، من جواز المتعة (فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ) أي
بجواز المتعة (فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ) -بمثناة فوقية مشددة، بعدها همزة- افتعال من
التؤدة: أي ليتأنّ، ولا يتعجّل بالمضيّ على فتيانا (فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) عمر -رضي الله عنه-
(قَادِمٌ عَلَيْكُمْ، فَبِهِ فَأْتَمُّوا) أي فاقتدوا به، وخذوا بقوله، واتركوا قولنا، إن خالفه
(قَالَ) أبو موسى -رضي الله عنه- (فَقَدِمَ عُمَرُ -رضي الله عنه-، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ) وفي الرواية التالية:
"فلما قَدِم قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ، مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ؟ ،
يعني نهيه الناس من المتعة (فَقَالَ) عمر -رضي الله عنه- (إِنْ نَأْخُذْ بكِتَابِ اللهِ) هو قوله
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ يَأْمُرُ) وفي نسخة "يَأمرنا" (بِالتَّمَامِ) أي
بكون كلِّ من النسكين تامّين بإتيانه بسفر جديد، أو بإحرام جديد، لا يجعل
أحدهما تابعًا للآخر.
(وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) يعني أنه -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع لم يتحلّل حتى روى جمرة العقبة،
ونحر هديه، ولم يتحلّل بعمل العمرة، أي والمتمتّع يتحلّل إذا لم يسق الهدي،
كما فَعَل أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
والحاصل أن الجمع بين القرآن والسنة قد أدّى عمر -رضي الله عنه- إلى النهي عن
التمتّع والقران جميعًا، فيحصل حينئذ الإتمام، والحلّ يوم النحر، لا قبله.