حَرَامٌ بِذِي الدّنْيَا دَوَامُ اجْتِمَاعِنَا ... فَكَمْ صَرَمَتْ لِلشَّمْلِ حَبْلًا وَصَلْنَا
فَيَا أَيْنَ أَيَّامٌ تَوَلَّتْ عَلَى الْحِمَى ... وَلَيْل مَعَ الْعُشَّاقِ فِيهِ سَهِرْنَاهُ
وَنَحْنُ لِجِيرَانِ الْمُحَصَّبِ جِيرَةٌ ... نُوَفِّي لَهُمْ حُسْنَ الْوِدَادِ وَنَرْعَاهُ
وَنَخْلُو بِمَنْ نَهْوَى إِذَا رَقَدَ الْوَرَى ... وَيَجْلُو عَلَيْنَا مَنْ نُحِبُّ مُحَيَّاهُ
فَقُرْبٌ وَلَا بُعْدٌ وَشَمْلٌ مُجَمَّعٌ ... وَكَاسُ وِصَالٍ بَيْنَنَا قَدْ أَدَرْنَاهُ
فَهَاتِيكَ أَيَّامُ الْحَيَاةِ وَغَيْرُهَا ... مَمَات فَيَا لَيْتَ النَّوَى مَا شَهِدْنَاهُ
فَيَا مَا أَمَرَّ الْبَيْنَ مَا أَقْتَلَ الْهَوَى ... أَمَا يَا الْهَوَى إِنَّ الْهَنَا قَدْ سُلِبْنَاهُ
فَوَ اللهِ لَمْ يُبْقِ الْفِرَاقُ لَذَاذَة ... فَلَوْ مِنْ سَبِيل لِلْفِرَاقِ فَرَقْنَاهُ
فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ بَيْنَنَا بِسِهَامِهِ ... فَلَوْ أَنَّنَا نُعْطَى الْقِصَا صقَتَلْنَاهُ
فَأَحْبَابُنَا بِالشَّوْقِ بِالْحُبِّ بِالْجَوَى ... لحرمة عقد عندنا ما حللناه
لِحَقِّ هَوَانَا فِيكُمُ وَوِدَادُنَا ... لِمِيثَاقِ عَهْدٍ صَادِقٍ مَا نَقَضْنَاهُ
أَعِيدُوا لَنَا أَعْيَادَنَا بِرُبُوعِكُمْ ... وَوَقْتَ سُرُورٍ فِي حِمَاكُمْ قَضَيْنَاهُ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا مَا قَضَيْنَا عَلَى الْحِمَى ... فَذَاكَ الَّذِي مِنْ عُمْرِنَا قَدْ عَدَدْنَاهُ
فَيَا لَيْتَ عَنَّا أَغْمَضَ الْبَيْنُ طَرْفَهُ ... وَيَا لَيْتَ وَقْتاً لِلْفِرَاقِ فَقَدْنَاهُ
وَتَرْجِعُ أَيَّامُ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى ... وَيَبْدُو ثَرَاهُ لِلْعُيُونِ وَحَصْبَاهُ
وَتَسْرَحُ فِيهِ الْعِيس بَيْنَ ثُمَامَةٍ ... وَتَسْتَنْشِقُ الأَرْوَاحُ نَشْرَ خُزَامَاهُ
وَنَشْكو إِلَى أَحْبَابِنَا طُولَ شَوْقِنَا ... إِلَيْهِمْ وَمَاذَا بِالْفِرَاقِ لَقِينَاهُ
فَلَا كَانَتِ الدّنْيَا إِذَا لَمْ يُعَايِنُوا ... هُمُ الْقَصْدُ فِي أُولَى الْمَشُوقِ وَأُخْرَاهُ
عَلَيْكُمْ سَلَامُ اللهِ يَا سَاكِنِي الْحِمَى ... بِكُمْ طَابَ رًّياهُ بِكُمْ طَابَ سُكْنَاهُ
وَرَبِّكُمُ لَوْلَاكُمُ مَا نَوَدُّهُ ... وَلَا الْقَلْبَ مِنْ شَوْفي إِلَيْهِ أَذَبْنَاهُ
أَسُكَّانَ وَادِي الْمُنْحَنَى زَادَ وَجْدُنَا ... بِمَغْنَى حِمَاكُمْ ذَاكَ مَغْنًى شَغَفْنَاهُ
نَحِنُّ إِلَى تِلْكَ الرّبُوعِ تَشَوُّقًا ... فَفِيهَا لَنَا عَهْدٌ وَعَقْدٌ عَقَدْنَاهُ
وَرَبٍّ بَرَانَا مَا سَلَوْنَا رُبُوعَكُمْ ... وَمَا كَانَ مِنْ رَبْعٍ سِوَاهُ سَلَوْنَاهُ
فَيَا هَلْ إِلَى رَبْعِ الأَعَارِيبِ عَوْدَةٌ ... فَذَاكَ وَحَقِّ اللهِ رَبْعًا حَبَبْنَاهُ
قَضَينَا مَعَ الأَخبَابِ فِيهِ مَارِبًا ... إِلَى الْحَشْرِ لَا تُنْسَى سَقَى اللهُ مَرْعَاهُ
فَشُدّوا مَطَايَانَا إِلَى الرَّبْعِ ثَانِيًا ... فَإِنَّ الْهَوَى عَنْ رَبْعِهِمْ مَا ثَنَيْنَاهُ