حين سألوه ذلك، فيكون متنفلاً بالظهر الثانية التي بمنى، وهذا كما ثبت في

"الصحيحين" في صلاته - صلى الله عليه وسلم - ببطن نخل أحد أنواع صلاة الخوف، فإنه - صلى الله عليه وسلم -

صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها، وسلّم بهم، ثم صلى بالطائفة

الأخرى تلك الصلاة مرة أخرى، فكانت له صلاتان، ولهم صلاة.

وأما الحديث الوارد عن عائشة وغيرها: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّر الزيارة يوم

النحر إلى الليل، فمحمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه، لا لطواف الإفاضة،

ولا بُذ من هذا التأويل؛ للجمع بين الأحاديث. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).

وقال ابن القيّم -رَحِمَهُ اللهُ- في "الهدي": واختُلِف أين صلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الظهر

يومئذ؟ ففي "الصحيحين" (?) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر، ثم

رجع، فصلى الظهر بمنى، وفي "صحيح مسلم" عن جابر - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى

الظهر بمكة، وكذلك قالت عائشة - رضي الله عنها -.

واختُلِف في ترجيح أحد هذين القولين على الآخر، فقال أبو محمد بن

حزم: قول عائشة وجابر - رضي الله عنهما - أولى، وتبعه على هذا جماعة، ورجحوا هذا

القول بوجوه:

[أحدها]: أنه رواية اثنين، وهما أولى من الواحد.

[الثاني]: أن عائشة - رضي الله عنها - أخص الناس به - صلى الله عليه وسلم -، ولها من القرب

والاختصاص به، والمزية ما ليس لغيرها.

[الثالث]: أن سياق جابر - رضي الله عنه - لحجة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أولها إلى آخرها أتمّ

سياق، وقد حَفِظ القصة، وضبطها حتى ضبط جزئياتها، حتى ضبط منها أمراً

لا يتعلق بالمناسك، وهو نزول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليلة جمْع في الطريق، فقضى حاجته

عند الشِّعْب، ثم توضأ وضوءاً خفيفاً، فمن ضبط هذا القدر، فهو بضبط مكان

صلاته يوم النحر أولى.

[الرابع]: أن حجة الوداع كانت في آذار، وهو تساوي الليل والنهار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015