بقيّة البُدْن (فَنَحَرَ) بالبناء للفاعل؛ أي: نحر عليّ - رضي الله عنه - (مَا غَبَرَ) "ما" موصولة
مفعول "نحر"، و"غبر" بفتح الغين المعجمة، وفتح الموحّدة، مبنئاً للفاعل؛
أي: بقي، يقال: غَبَر الشيءُ غُبُوراً، من باب قعد: بقي، وقد يُستعمل فيما
مضى أيضاً، فيكون من الأضداد، وقال الزُّبيديّ: غَبَر غُبُوراً: مَكَثَ، وفي لغة
بالمهملة للماضي، وبالمعجمة للباقي، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?).
وفيه جواز الاستنابة في نحر الهدي، وذلك جائز بالإجماع إذا كان
النائب مسلماً، قال النوويّ: ويجوز عندنا أن يكون النائب كافراً كتابيّاً بشرط
أن ينوي صاحب الهدي عند دفعه إليه، أو عند ذبحه، وفيه أيضاً استحباب
تعجيل ذبح الهدايا، وإن كانت كثيرة في يوم النحر، ولا يؤخر بعضها إلى أيام
التشريق. انتهى.
(وَأَشْرَكَهُ) أي: أشرك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليّاً - رضي الله عنه - (فِي هَدْيِهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-:
ظاهره أنه شاركه في نفس الهدي، قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: وعندي أنه لم
يكن تشريكاً حقيقةً، بل أعطاه قدراً يذبحه. انتهى (?).
[تنبيه]: روى أبو داود عن عليّ - رضي الله عنه -: لَمّا نَحَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُدنه،
فنحر ثلاثين بيده، وأمرني، فنحرت سائرها، وفيه محمد بن إسحاق، وهو
مدلّسٌ، وقد عنعنه، وبه أعلّه ابن المنذر.
وروى أبو داود أيضاً عن غرفة (?) بن الحارث الكِنْديّ - رضي الله عنه -، قال:
شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وأُتي بالبدن، فقال: "ادعوا لي أبا
حسن"، فدُعي له عليّ، فقال: "خذ بأسفل الحربة"، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بأعلاها، ثم طعنا بها البدن، فلما فرغا ركب بغلته، وأردف عليّاً.
وجمع الوليّ العراقيّ -رَحِمَهُ اللهُ- باحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - انفرد بنحر ثلاثين بدنة، وهي
التي في حديث عليّ، واشترك هو وعليّ في نحر ثلاث وثلاثين بدنةً، وهي
المذكورة في حديث غرفة، وقول جابر: "نحر ثلاثاً وستين"، مراده: كلّ ما له